كان قطر ما في القدر الأول ستة أمثال ما في القدر السادس وجعلوا كل قدر على ثلاث مراتب وما دون السادس لم يثبتوه في المراتب بل إن كان كقطعة السحاب يسمونه سحابيا وإلا فمظلما وذكر في الكفاية أن ما كان منها في القدر الأول فجرمه مائة وستة وخمسون مرة ونصف عشر الأرض وجاء في بعض الآثار أن أصغر النجوم كالجبل العظيم واستظهر أبو حيان عود الضمير للبروج لأنها المحدث عنها والأقرب في اللفظ والجمهور على ما ذكرنا حذرا من انتشار الضمائر للناظرين .
16 .
- أي بأبصارهم إليها كما قاله بعضهم لأنه المناسب للتزيين وجوز أن يراد بالتزيين ترتيبها على نظام بديع مستتبعا للآثار الحسنة فيراد بالناظرين المتفكرون المستدلون بذلك على قدرة مقدرها وحكمة مدبرها جل شأنه وحفظناها من كل شيطان رجيم .
17 .
- مطرود عن الخيرات ويطلق الرجم على الرمي بالرجام وهي الحجارة فالمراد بالرجيم المرمي بالنجوم ويطلق أيضا على الإهلاك والقتل الشنيع والمراد بحفظها من الشيطان إما منعه عن التعرض لها على الإطلاق والوقوف على ما فيها في الجملة فالاستثناء في قوله تعالى : ألا من استرق السمع متصل وإما المنع عن دخولها والاختلاط مع أهلها على نحو الاختلاط مع أهل الأرض فهو حينئذ منقطع وعلى التقديرين محل من النصب على الاستثناء وجوز أبو البقاء والحوفي كونه في محل جر على أنه يدل من كل شيطان بدل بعض من كل واستغنى عن الضمير الرابط بإلا .
واعترض بأنه يشترط في البدلية أن تكون في كلام غير موجب وهذا الكلام مثبت .
ودفع بأنه في تأويل المنفي أي لم نمكن منها كل شيطان أو نحوه وأورد أن تأويل المثبت في غير أبي ومتصرفاته غير مقيس ولا حسن فلا يقال مات القوم إلا زيد بمعنى لم يعيشوا ولعل القائل بالبدلية لا يسلم ذلك وقد أولوا بالمنفي قوله تعالى : فشربوا منه إلا قليل وقوله E : العالم هلكى إلا العالمون الخبر وغير ذلك مما ليس فيه أبى ولا شيء من متصرفاته لكن الإنصاف ضعف هذه البدلية كما لا يخفى .
وجوز أبو البقاء أيضا أن يكون في محل رفع على الابتداء والخبر جملة قوله تعالى : فأتبعه شهاب مبين .
18 .
- وذكر أن الفاء من أجل أن من موصوف أو شرط والاستراق افتعال من السرقة وهو أخذ الشيء بخفية شبه به خطفتهم اليسيرة من الملا الأعلى وهو المذكور في قوله تعالى : إلا من خطف الخطفة والمراد بالسمع المسموع والشهاب على ما قال الراغب الشعلة الساطعة من النار الموقودة ومن العارض في الجو ويطلق على الكوكب لبريقه كشعلة النار .
وأصله من الشهبة وهي بياض مختلط بسواد وليست البياض كما يغلط فيه العامة فيقولون فرس أشهب للقرطاسي والمراد بمبين ظاهر أمره للمبصرين ومعنى اتبعه تبعه عند الأخفش نحو ردفته وأردفته فليست الهمزة فيه للتعدية وقيل : أتبعه أخص من تبعه لما قال الجوهري تبعت القوم تبعا وتباعة بالفتح إذا مشيت خلفهم أو مروا بك فمضيت معهم واتبعت القوم على أفعلت إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم واستحسن الفرق بينهما الشهاب ولما كان الاتباع محتملا للإهلاك وغيره اختلف العلماء في ذلك فحكى القرطبي عن ابن عباس أن الشهاب يجرج ويحرق ولا يقتل وعن الحسن وطائفة أنه يقتل وادعى أن الأول أصح ونقل غير واحد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : إن الشياطين يركب بعضهم بعضا إلى السماء الدنيا يسترقون