خاصة به من غير اشتماله على نعوت كمال سائر الكتب الكريمة وعكس هناك نظرا إلى حال تقدم القرآنية على حال الكتابية قاله بعض المحققين وجوز أن يراد بالكتاب اللوح المحفوظ وذكر أن تقديمه هنا باعتبار الوجود وتأخيره هناك باعتبار تعلق علمنا لأنا إنما نعلم ثبوت ذلك من القرآن وتعقب بأن إضافة الآيات إليه تعكر على ذلك إذ لا عهد باشتماله على الآيات والزمخشري جعل هنا الإشارة إلى ما تضمنته السورة والكتاب وما عطف عليه عبارة عن السورة وذكر هناك أن الكتاب إما اللوح وإما السورة وإما القرآن فآثر ههنا أحد إلا وجه هناك .
قال في الكشف : لأن الكتاب المطلق على غير اللوح أظهر والحمل على السورة أوجه مبالغة كما دل عليه أسلوب قوله تعالى : والذي أنزل إليك من ربك الحق وليطابق المشار إليه فإنه إشارة إلى آيات السورة ثم قال : وإيثار الحمل على اتحاد المعطوف والمعطوف عليه في الصدق لأن الظاهر من إضافة الآيات ذلك .
ولما كان في التعريف نوع من الفخامة وفي التنكير نوع آخر وكان الغرض الجمع عرف الكتاب ونكر القرآن ههنا وعكس في النمل وقدم المعرف في الموضعين لزيادة التنويه ولما عقبه سبحانه بالحديث عن الخصوص هنالك قدم كونه قرآنا لأنه أدل على خصوص المنزل على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم للإعجاز وتعقب تفسير ذلك بالسورة دون جميع القرآن أو المنزل إذ ذاك بأنه غير متسارع إلى الفهم والمتسارع إليه عند الإطلاق ما ذكر وعليه يترتب فائدة وصف الآيات بنعت ما أضيفت إليه من نعوت الكمال لا على جعله عبارة عن السورة إذ هي في الاتصاف بذلك ليست بتلك المرتبة من الشهرة حتى يستغنى عن التصريح بالوصف على أنها عبارة عن جميع آياتها فلا بد من جعل تلك إشارة إلى كل واحدة منها وفيه من التكلف ما لا يخفى ثم إن الزمخشري بعد أن فسر المتعاطفين بالسورة أشار إلى وجه التغاير بينهما بقوله كأنه قيل : الكتاب الجامع للكمال والغرابة في البيان ورمز إلى أنه لما جعل مستقلا في الكمال والغرابة قصد قصدهما فعطف أحدهما على الآخر فالغرض من ذكر الذات في الموضعين الوصفان وهذه فائدة إيثار هذا الأسلوب ومن هذا عده من عده من التجريد قاله في الكشف .
وقال الطيبي بعد أن نقل عن البغوي توجيه التغاير بين المتعاطفين بأن الكتاب ما يكتب والقرآن ما يجمع بعضه إلى بعض : فإن قلت : رجع المآل إلى أن الكتاب وقرآن وصفان لموصوف واحد أقيما مقامه فما ذلك الموصوف وكيف تقديره فإن قدرته معرفة رفعه وقرآن مبين وإن ذهبت إلى أنه نكرة أباه لفظ الكتاب قلت : أقدره معرفة وقرآن مبين في تأويل المعرفة لأن معناه البالغ في الغرابة إلى حد الإعجاز فهو إذا محدود بل محصور إلى آخر ما قال وهو كلام خال عن التحقيق كما لا يخفى على أربابه وقيل : المراد بالكتاب التوراة والإنجيل وبالقرآن الكتاب المنزل على نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم وأخرج ذلك ابن جرير عن مجاهد وقتادة وأمر العطف على هذا ظاهر جدا إلا أن ذلك نفسه غير ظاهر وفي المراد بالإشارة عليه خفاء أيضا .
وفي البحر أن الإشارة على هذا القول إلى ءايات الكتاب وهو كما ترى ثم إنه سبحانه لما بين شأن الآيات لتوجه المخاطبين إلى حسن تلقي ما فيها من الأحكام والقصص والمواعظ شرع جل شأنه في بيان المتضمن فقال عز قائلا : ربما يود الذين كفروا بما يجب الإيمان به لو كانوا مسلمين .
2 .
- مؤمنين بذلك وقيل : المراد