الأمثال .
54 .
- أي صفات مافعلوا وما فعل بهم من الأمور التي هي في الغرابة كالأمثال المضروبة لتعتبروا وتقيسوا أعمالكم على أعمالهم وما لكم على ما لهم وتنتقلوا من حلول العذاب العاجل الى العذاب الآجل فتردعوا عما كنتم فيه من الكفر والمعاصي وجوز أن يراد من الأمثال ماهو جمع مثل بمعنى الشبيه أي بينا لكم أنهم مثلهم في الكفر واستحقاق العذاب : وروى هذا عن مجاهد والجمل الثلاث في موقع الحال من ضمير أقسمتم أي أقسمتم أن ليس لكم زوال والحال أنكم سكنتم في مساكن المهلكين بظلمهم وتبين لكم فعلنا العجيب بهم ونبهناكم على جلية الحال بضرب الأمثال وقوله سبحانه : وقد مكروا مكرهم حال من الضمير الأول في فعلنا بهم أو من الثاني أو منهما جميعا وقدم عليه قوله تعالى : وضربنا لكم الأمثال لشدة ارتباطه على ماقيل بما قبله أي فعلنا بهم مافعلنا والحال أنهم قد مكروا في ابطال الحق وتقرير الباطل مكرهم العظيم الذي استفرغوا في عمله المجهود وجاوزوا فيه كل حد معهود بحيث لايقدر عليه غيرهم والمراد بيان تناهيهم في استحقاق مافعل بهم أو وقد مكروا مكرهم المذكور في ترتيب مبادي البقاء ومدافعة أسباب الزوال فالمقصود اظهار عجزهم واضمحلال قدرتهم وحقارتها عند قدرة الله سبحانه قاله شيخ الاسلام وهو ظاهر في ان هذا من تتمة مايقال لأولئك الذين ظلموا وهو المروي عن محمد بن كعب القرظي فقد أخرج عنه ابن جرير أنه قال : بلغني أن أهل النار ينادون ربنا أخرنا إلى أجل قريب الخ فيرد عليهم بقوله سبحانه : أولم تكونوا أقسمتم الى قوله لتزول منه الجبال وذكره ابن عطية احتمالا وقيل غير ذلك مما ستعلمه ان شاء الله تعالى قريبا وظاهر كلام غير واحد ان استفادة المبالغة في مكروا مكرهم من الاضافة وفي الحواشي الشهابية ان مكرهم منصوب على أنه مفعول مطلق لأنه لازم فدلالته على المبالغة لقوله تعالى الآتي : وان كان مكرهم الخ لا لأن اضافة المصدر تفيد العموم أي أظهروا كل مكر لهم أو لأن اضافته وأصله التنكير لافادة أنهم معروفون بذلك وللبحث فيه مجال وعند الله مكرهم أي جزاء مكرهم على أن الكلام على حذف مضاف وجوز أن لايكون هناك مضاف محذوف والمعنى مكتوب عنده تعالى مكرهم ومعلوم له سبحانه وذلك كناية عن مجازاته تعالى لهم عليه وأياما كان فاضافة مكر إلى الفاعل وهو الظاهر المتبادر وقيل : إنه مضاف إلى مفعوله على معنى عنده تعالى مكرهم الذي يمكرهم به وتعقبه أبو حيان بأن المحفوظ أن مكر لازم اولم يسمع متعديا وأجيبي بأنه يجوز أن يكون المكر متجوزا به أو مضمنا معنى الكيد أو الجزاء والكلام في نسبة المكر اليه تعالى وأنه إما باعتبار المشاكلة أو الاستعارة مشهور وذكر بعض المحققين أن المراد بهذا المكر ماأفاده قوله تعالى : كيف فعلنا بهم لا أنه وعيد مستأنف والجملة حال من الضمير في مكروا أي مكروا مكرهم وعند الله تعالى جزاؤه أو هو ما أعظم منه والمقصود بيان فساد رأيهم حيث باشروا فعلا مع تحقق مايوجب تركه وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال .
64 .
- أي وإن كان مكرهم في غاية الشدة والمتانة وعبر عن ذلك بكونه معدى لازالة الجبال عن مقارها لكونه مثلا في ذلك وإن شرطية وصلية عند جمع والمراد أنه سبحانه مجازيهم على مكرهم ومبطلة إن لم يكن في هذه الشدة وإن كان فيها ولابد على هذا الوجه من ملاحظة الابطال وإلا فالجزاء المجرد عن ذلك لايكاد يتأتى معه النكتة التي يدور عليها مافي إن الوصلية