والصنف لالفرد بخصوصه وفسر ماسألتموه بما من شأنه أن يسأل لاحتياج الناس اليه سواء سئل بالفعل أم لم يسأل فلا ينفي إيتاء ما لاحاجة اليه مما يخطر بالبال وجعلوا الاحتياج إلى الشيء سؤالا له بلسان الحال وهو من باب التمثيل وسبيل هذا السؤال سبيل الجواب في رأي في قوله تعالى : ألست بربكم قالوا : بلى وقيل : الاصل وآتاكم من كل ماسألتموه وما لم تسألوه فحذف الثاني لدلالة ماأبقى على ما ألقى وما يحتمل أن تكون موصولة والضمير المنصوب في سألتموه عائد عليها والتقدير من كل الذي سألتموه اياه ومنع أبو حيان جواز أن يكون راجعا اليه تعالى ويكون العائد على الموصول محذوفا مستندا بأنه لو قدر متصلا لزم اتصال ضميرين متحدي الرتبة من دون اختلاف وهو لايجوز 1 ولو قدر منفصلا حسبما تقتضيه القاعدة في مثل ذلك لزم حذف العائد المتصل وقد نصوا على عدم جوازه اه .
وذهب بعضهم إلى جواز كلا التقديرين مدعيا أن منع اتصال المتحدين رتبة خاص فيما إذا ذكرا معا أما إذا ذكر أحدهما وحذف الآخر فلا منع إذ الاتصال حينئذ محض اعتبار وعلة المنع لاتجرى فيه وأن منع حذف المنفصل خاص أيضا فيما إذا كان الانفصال لغرض معنوي كالحصر في قولك : جاء الذي أباه ضربت إذ بالحذف حينئذ يفوت ذلك الغرض أما إذا كان لغرض لفظي كدفع اجتماع المثلين فلا منع إذ ليس هناك غرض يفوت ويحتمل أن تكون موصوفة والكلام في الضمير كما تقدم وأن تكون مصدرية والضمير لله تعالى والمصدر بمعنى المفعول أي مسؤلكم .
وقرأ ابن عباس والضحاك والحسن ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وعمرو بن قائد وقتادة وسلام ويعقوب ونافع في رواية من كل بالتنوين أي وآتاكم من كل شيء مااحتجتم اليه وسألتموه بلسان الحال وجوز على هذه القراءة أن تكون ما نافية والمفعول الثاني من كل كما في قوله تعالى : وأوتيت من كل شيء والجملة المنفية في موضع الحال أي أتاكم من كل غير سائليه وهو إخبار منه تعالى بسبوغ نعمته سبحانه عليهم بما لم يسألوه من النعم وروى هذا عن الضحاك ولا يخفى أن الوجه هو الأول لما أن القراءة على هذا الوجه تخالف القراءة الأولى والأصل توافق القراءتين وإن فهم منها إيتاء ماسألوه بطريق الأولى .
وإن تعدوا نعمت الله أي ما أنعم به عليكم ما هوالظاهر .
وقال الواحدي : إن نعمة هنا اسم أقيم مقام المصدر يقال : أنعم إنعاما ونعمة كما يقال أنفقت إنفاقا ونفقة فالنعمة بمعنى الانعام ولذا لم تجمع والمعول عليه ما أشرنا اليه من أنها اسم جنس بمعنى المنعم به والمراد بها الجمع كأنه قيل : وإن تعدوا نعم الله لاتحصوها وقد نص بعضهم على أن المفرد يفيد الاستغراق بالاضافة وما قيل : إن الاستغراق ليس مأخوذا من الاضافة بل من الشرط والجزاء المخصوصين فيه نظر لأن الحكم المذكور يقتضي صحة إرادته منه ولولاه تنافيا والمراد بلا تحصوها لاتطيقوا حصرها ولو إجمالا فانها غير متناهية وأصل الإحصاء العد بالحصى فان العرب كانوا يعتمدونه في العد كاعتمادنا فيه على الأصابع ولذا قال الاعشى : ولست بالأكثر منهم حصى وإنما العزة للكاثر