عليه رطب فقال أنس لأبي العالية : كل ياأبا العالية فان هذا من الشجرة التي ذكرها الله تعالى في كتابه ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة ثابت أصلها واخرج الترمذي أيضا والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه عن انس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقناع من بسر فقال : مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة حتى بلغ كل حين قال : هى النخلة 1 .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أنها شجرة جوز الهند وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه رضى الله تعالى عنه أيضا أنها شجرة في الجنة وقيل : كل شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة وشجرة التين والعنب والرمان وغير ذلك وأنت تعلم أنه إذا صح الحديث ولم يتأت حمل ما فيه على التمثيل لاينبغي العدول عنه .
ووجه التشبيه الكلمة الطيبة بمعنى شهادة أن لا إله إلا الله بهذه الشجرة المنعوتة بما ذكر أن أصل تلك الكلمة ومنشآها وهو الايمان ثابت في قلوب المؤمنين وما يتفرع منها وينبني عليها من الاعمال الصالحة والافعال الزكية يصعد إلى السماء وما يترتب على ذلك من ثواب الله تعالى ورضاه هو الثمرة التي تؤتيها كل حين ويقال نحو هذا على تقدير أن تكون الكلمة بمعنى آخر فتأمل والذاهبون إلى تفسير الشجرة بالنخلة من السلف اختلفوا في مقدار الحين فأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب أنه شهران قال : إن النخلة إنما يكون فيها حملها شهرين .
وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنه سنة وقيل غير ذلك واختلفت الروايات عن ابن عباس والأشهر أنه فسره بستة أشهر وقال : إن النخلة مابين حملها الى صرامها ستة أشهر وأفتى رضي الله تعالى عنه لرجل حلف أن لايكلم أخاه حينا أنه لو كلمه قبل ستة أشهر حنث وهو الذي قال به الحنفية فقد ذكروا أن الحين والزمان معرفين أو منكرين واقعين في النفي أو في الاثبات ستة أشهر وعللوا ذلك بأن الحين قد جاء بمعنى الساعة وبمعنى أربعين سنة وبمعنى الأبد وبمعنى ستة أشهر فعند عدم النية ينصرف اليه لأنه الوسط ولأن القليل لايقصد بالمنع لوجود الامتناع فيه عادة والاربعون سنة لاتقصد بالحلف عادة لأنه في معنى الأبد ولو سكت عن الحين تأبد فالظاهر أنه لم يقصد ذلك ولا الأبد ولا أربعين سنة فيحكم بالوسط في الاستعمال والزمان استعمل استعمال الحين ويعتبر ابتداء الستة أشهر من وقت اليمين في نحو لا أكلم فلانا حينا مثلا وهذا بخلاف لأصومن حينا فان له أن يعين فيه أي ستة أشهر شاء كما بين في محله ومتى نوى الحالف مقدارا معينا في الحين وأخيه صدق لأنه نوى حقيقة كلامه لأن كلا منهما للقدر المشترك بين القليل والكثير والمتوسط واستعمل في كل كما لايخفى على المتتبع فليتذكر ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون .
52 .
- لأن في ضربها زيادة افهام وتذكير فانه تصوير المعاني العقلية بصور المحسوسات وبه يرتفع التنازع بين الحس والخيال .
ومثل كلمة خبيثة وهي كلمة الكفر أو الدعاء اليه أو الكذب أو كل كلمة لايرضاها الله تعالى وقرىء ومثل بالنصب عطفا على كلمة طيبة وقرأ أبي وضرب الله مثلا كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ولعل تغيير الاسلوب على قراءة الجماعة للايذان بأن ذلك غير مقصود بالضرب والبيان وإنما ذلك أمر ظاهر يعرفه كل أحد وفي الكلام مضاف مقدر أي كمثل شجرة خبيثة والمثل بمعنى الصفة الغريبة اجتثت أي اقتلعت من أصلها وحقيقة الاجتثات أخذ الجثة وهي شخص الشيء كلها من فوق الأرض لكون عروقها قريبة