لما جمع الفريقين في قوله سبحانه : وبرزوا لله جميعا وذكر شيئا من أحوال الكفار ذكر ما آل اليه أمر المؤمنين من ادخالهم الجنة بأذن ربهم أي بأمره سبحانه أو بتوفيقه وهدايته جل شأنه والجار والمجرور متعلق بأدخل على قراءة الجمهور وفي التعرض لوصف الربوبية مع الاضافة الى ضميرهم اظهار مزيد اللطف بهم وعلقه جماعة على القراءة الأخرى بقوله تعالى : تحيتهم فيها سلام .
32 .
- أي يحييهم الملائكة بالسلام باذن ربهم وتعقب ذلك أبو حيان بأن فيه تقديم معمول المصدر المنحل بحرف مصدري وفعل عليه وهو غير جائز لما أن ذلك في حكم تقديم جزء من الشيء المرتب الأجزاء عليه ورد بأن الظاهر أنه هنا غير منحل اليهما لأنه ليس المعنى المقصود منه أن يحيوا فيها بسلام ولو سلم فمراد القائل بالتعلق المعنوي فالعامل فيه فعل مقدر يدل عليه تحيتهم أي يحيون باذن ربهم .
وقال العلامة الثاني : الأظهر أن التقديم جائز إذا كان المعمول ظرفا أو شبهه وهو في الكلام كثير والتقدير تكلف وليس كل مؤول بشيء حكمه حكم ما أول به مع أن الظرف مما يكفيه رائحة من الفعل لأن له شأنا ليس لغيره لتنزله من الشيء منزلة نفسه لوقوعه فيه وعدم انفكاكه عنه ولهذا اتسع في الظروف مالم يتسع في غيرها اه وبالجواز أقول وإنما لم يجعله المحققون متعلقا بأدخل على تلك القراءة مع أنه سالم من الاعتراض ومشتمل على الالتفات أو التجريد وهو من المحسنات لأن قولك : أدخلته باذني ركيك لايناسب بلاغة التنزيل والالتفات أو التجريد حاصل إذا علق بما بعده أيضا .
وفي الانتصاف الصارف عن هذا الوجه هو أن ظاهر أدخل بلفظ المتكلم يشعر بأن ادخالهم الجنة لم يكن بواسطة بل من الله تعالى مباشرة وظاهر الاذن يشعر باضافة الدخول إلى الواسطة فبينهما تنافر واستحسن أن يعلق بخالدين والخلود غير الدخول فلا تنافر وتعقبه في الكشف بأن ذلك لايدفع الركاكة وكأنه لما أن الأذن للدخول لا للأستمرار بحسب الظاهر وكون المراد بمشيئتي وتيسيري لايدفع ذلك عند التأمل الصادق فما ذهب اليه ابن جني واستطيبه الشيخ الطيبي وارتضاه ليس بشيء لمن سلم له ذوقه ألم تر الخطاب لسيد المخاطبين صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل : لمن يصلح له والفعل معلق بما بعده من قوله تعالى : كيف ضرب الله مثلا أي كيف اعتمله ووضعه في موضعه اللائق به كلمة طيبة نصب على البدلية من مثلا و ضرب متعدية إلى مفعول واحد كما ذهب إلى ذلك الحوفي والمهدوي وابو البقاء وهو على ماقيل : بدل اشتمال ولو جعل بدل كل من كل لم يبعد واعترض عليه بأنه لامعنى لقولك ضرب الله كلمة طيبة إلا بضم مثلا اليه فمثلا هو المقصود بالنسبة فكيف يبدل منه غيره ولايخفى أن هذا بناءا على ظاهر قول النحاة : ان المبدل في نية الطرح وهو غير مسلم وقوله سبحانه : كشجرة طيبة صفة كلمة أو خبر مبتدأ محذوف أي هي كشجرة وجوز أن يكون كلمة منصوبا بمضمر و ضرب أيضا متعدية لواحد أي جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة أي حكم بأنها مثلها والجملة تفسير لقوله سبحانه : ضرب الله مثلا كقولك : شرف الأمير زيدا كساه حلة وحمله على فرس وتعقب ذلك أبو حيان بأن فيه تكلف اضمار لاضرورة تدعو اليه .
وأجاب عنه السمين بما فيه بحث وجوز أيضا أن يكون ضرب المذكور متعديا إلى مفعولين اما لكونه