لأن مثل أعمالهم كونها كرماد ومثلهم كون أعمالهم كرماد فلا اتحاد لكن الأول سبب للثاني فتأمل والرماد معروف وعرفه ابن عيسى بأنه جسم يسحقه الاحراق سحق الغبار ويجمع على رمد في الكثرة وأرمد في القلة وشذ جمعه على افعلاء قالوا أرمداء كذا في البحر وذكر في القاموس أن الارمداء كالاربعاء الرماد ولم يذكر أنه جمع والمراد بأعمالهم ماهو من باب المكارم كصلة الارحام وعتق الرقاب وفداء الاسارى وقرى الاضياف واغاثة الملهوفين وغير ذلك وقيل : مافعلوه لأصنامهم من القرب بزعمهم وقيل : ما يعم هذا وذاك ولعله الأولى وجيء بالجملة على مااختاره بعضهم جوابا لما يقال : ما بال أعمالهم التي عملوها حتى آل أمرهم إلى ذلك المآل إذ بين فيها أنها كرماد اشتدت به الريح أي حملته وأسرعت الذهاب به فاشتد بمعنى عدا والباء للتعدية أو للملابسة وجوز أن يكون من الشدة بمعنى القوة أي قويت بملابسة حمله في يوم عاصف العصف اشتداد الريح وصف به زمان هبوبها على الاسناد المجازي كنهاره صائم وليله قائم للمبالغة وقال الهروي : التقدير في يوم عاصف الريح فحذف الريح لتقدم ذكره كما في قوله : .
إذ جاء يوم مظلم الشمس كاسف .
1 - والتنوين على هذا عوض من المضاف اليه وضعف هذا القول ظاهر وقيل : إن عاصف صفة الريح إلا أنه جر على الجوار وفيه أنه لايصح وصف الريح به لاختلافهما تعريفا وتنكيرا وقرأ نافع وأبو جعفر الرياح على الجمع وبه يشتد فساد الوصفية وقرأ ابن أبي اسحق وابراهيم بن أبي بكر عن الحسن في يوم عاصف على الاضافة وذلك عند أبي حيان من حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه والتقدير في يوم ريح عاصف وقد يقال : إنه من اضافة الموصوف إلى الصفة من غير حاجة إلى حذف عند من يرى جواز ذلك لايقدرون أي يوم القيامة مما كسبوا في الدنيا من تلك الأعمال على شيء ما أي لايرون أنه أثرا من ثواب أو تخفيف عذاب .
ويؤيد التعميم ماورد في الصحيح عن عائشة أنها قالت : يارسول الله إن ابن جدعان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين هل ذلك نافعة قال : لاينفعه لأنه لم يقل ربي اغفر لي خطيئتي يوم الدين وقيل : الكلام على حذف مضاف أي لايقدرون من ثواب ماكسبوا على شيء ما والاول أولى وقدم المتعلق الأول للايقدرون على الثاني وعكس في البقرة لأهمية كل في آيته وذلك ظاهر لمن له أدنى بصيرة وحاصل التمثيل تشبيه أعمالهم في حبوطها وذهابها هباء منثورا لابتنائها على غير أساس من معرفة الله تعالى والايمان به وكونها لوجهه برماد طيرته الريح العاصف وفرقته وهذه الجملة فذلكة ذلك والمقصود منه قيل : والاكتفاء ببيان عدم رؤية الأثر لأعمالهم للاصنام مع ان لها عقوبات للتصريح ببطلان اعتقادهم وزعمهم أنها شفعاء لهم عند الله تعالى وفيه تهكم بهم ذلك أي مادل عليه التمثيل دلالة واضحة من ضلالهم مع حسبانهم أنهم على شيء هو الضلال البعيد .
81 .
- عن طريق الحق والصواب وقد تقدم تمام الكلام في ذلك غير بعيد .
ألم تر خطاب للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم والمراد به أمته الذين بعث اليهم وقيل : خطاب الكل واحد من الكفرة لقوله تعالى : ان يشأ يذهبكم والرؤية رؤية القلب وقوله تعالى : إن الله خلق السموات والأرض ساد مسد مفعوليها أي ألم تعلم أنه تعالى خلقهما بالحق أي ملتبسة بالحكمة والوجه الصحيح الذي يحق