والأزهري فهي من المشتركات اللفظية عندهما وقال جماعة : انها من المشتركات المعنوية فهي موضوعة لأمر عام صادق على القدام والخلف وهو ماتوارى عنك وقد تفسر بالزمان مجازا فيقال : الأمر من ورائك على معنى أنه سيأتيك في المستقبل من أوقاتك ويسقي قيل عطف على متعلق من ورائه المقدر والأكثر على أنه عطف على مقدر جوابا عن سؤال سائل كأنه قيل : فماذا يكون اذن فقيل : يلقى فيها ما يلقى ويسقى من ماء مخصوص لا كالمياه المعهودة صديد .
61 .
- قال مجاهد وقتادة والضحاك هو مايسيل من أجساد أهل النار وقال محمد بن كعب والربيع : مايسيل من فروج الزناة والزواني وعن عكرمة هو الدم والقيح وأعربه الزمخشري عطف بيان لماء وفي إبهامه أولا ثم بيانه من التهويل ما لايخفى وجواز عطف البيان في النكرات مذهب الكوفيين والفارسي والبصريون لايرونه وعلى مذهبهم هو بدل من ماء ان اعتبر جامدا أو نعت ان اعتبر فيه الاشتقاق من الصد أي المنع من الشرب كأنه ذلك الماء لمزيد قبحه مانع عن شربه وفي البحر قيل : إنه مصدود عنه أي لكراهته يصد عنه وإلى كونه نعتا ذهب الحوفي وكذا ابن عطية قال : وذلك كما تقول : هذا خاتم حديد وإطلاق الماء على ذلك بحقيقة وانما أطلق عليه باعتبار أنه بدله وقال بعضهم : هو نعت على إسقاط مفيد التشبيه كما تقول مررت برجل أسد والتقدير مثل صديد وعلى هذا فاطلاق الماء عليه حقيقة وبالجملة تخصيص السقي من هذا الماء بالذكر من بين عذابها يدل على أنه من أشد أنواعه يتجرعه جوز أبو البقاء كونه صفة لماء أو حالا منه أو استئنافا .
وجوز أبو حيان كونه حالا من ضمير يسقى والاستئناف أظهر وهو مبني على سؤال كأنه قيل : فماذا يفعل به فقيل : يتجرعه أي يتكلف جرعه مرة بعد أخرى لغلبة العطش واستيلاء الحرارة عليه ولا يكاد يسيغه أي لايقارب أن يسيغه فضلا عن الاساغة بل يغص به فيشربه بعد اللتيا والتي جرعة غب جرعة فيطول عذابه تارة بالحرارة والعطش وأخرى بشربه على تلك الحالة فان السوغ انحدار الماء انحدار الشراب في الحلق بسهولة وقبول نفس ونفيهلايفيد نفي ماذكر جميعا وقيل : تفعل مطاوع فعل يقال : جرعه فتجرع وقيل : إنه موافق للمجرد أي جرعة كما تقول عدا الشيء وتعداه وقيل : الاساغة الادخال في الجوف والمعنى لايقارب أن يدخله في جوفه قبل أن يشربه ثم شربه على حد ماقيل في قوله تعالى : فذبحوها وماكادوا يفعلون أي ما قاربوا قبل الذبح وعبر عن ذلك بالاساغة لما أنها المعهودة في الأشربة أخرج أحمد والترمذي والنسائي والحاكم وصححه وغيرهم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال في الآية : يقرب اليه فيتكرهه فاذا أدنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فاذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره يقول الله تعالى : وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم وقال سبحانه : وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ويسيغه بضم الياء لأنه يقال : ساغ الشراب وأساغه غيره وهو الفصيح وإن ورد ثلاثيه متعديا أيضا على ماذكره أهل اللغة وجملة لايكاد إلى آخره في موضع الحال من فاعل يتجرعه أو من مفعوله أو منهما جميعا ويأتيه الموت أي أسبابه من الشدائد وأنواع العذاب فالكلام على المجاز أو بتقدير مضاف من كل مكان أي من كل موضع والمراد أنه يحيط به من جميع الجهات كما روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقال ابراهيم التيمي : من