دلالة على أنهم لم يزالوا داعين الى أن تحقق الموعود من اهلاك الظالمين وذلك لأن لنهلكن وعد وانما حقيقة الاجابة حين الاهلاك وليس من تفويض الترتيب الى ذهن السامع في شيء ولا ذلك من مقامه كما توهم وقال ابن زيد : الضمير للكفار والعطف حينئذ على قال الذين كفروا أي قالوا ذلك واستفتحوا على نحو ما قال قريش : عجل لنا قطنا وكأنهم لما قوى تكذيبهم وأذاهم ولم يعالجوا بالعقوبة ظنوا أن ماقيل لهم باطل فاستفتحوا على سبيل التهكم والاستهزاء كقول قوم نوح : فأتنا بما تعدنا وقوم شعيب فأسقط علينا كسفا الى غير ذلك وقيل : الضمير للرسل عليهم السلام ومكذبيهم لأنهم كانوا كلهم سألوا الله تعالى أن ينصر المحق ويهلك المبطل وجعل بعضهم العطف على أوحى على هذا أيضا بل ظاهر كلام بعض أن العطف عليه على القراءة المشهورة مطلقا وسيأتي ان شاء الله تعالى احتمال آخر في الضمير ذكره الزمخشري .
وخاب أي خسر وهلك كل جبار متكبر عن عبادة الله تعالى وطاعته وقال الراغب : الجبار في صفة الانسان يقال لمن يجبر نقيصته بادعاء منزلة من التعالي لايستحقها ولا يقال الا على طريق الذم عنيد .
51 .
- معاند للحق مباه بما عنده وجاء فعيل بمعنى مفاعل كثيرا كخليط بمعنى مخالط ورضيع بمعنى مراضع وذكر أبو عبيدة أن اشتقاق ذلك من العند وهو الناحية ولذا قال مجاهد : العنيد مجانب الحق قيل : والوصف الاول اشارة الى ذمه باعتبار الخلق النفساني والثاني الى ذمه باعتبار الاثر الصادر عن ذلك الخلق وهو كونه مجانبا منحرفا عن الحق وفي الكلام ايجاز الحذف بحذف الفاء الفصيحة والمعطوف عليه أي استفتحوا ففتح لهم وظفروا بما سألوا وأفلحوا وخاب كل جبار عنيد وهم قومهم المعاندون فالخيبة بمعنى مطلق الحرمان دون الحرمان عن المطلوب او ذلك باعتبار أنهم كانوا يزعمون أنهم على الحق هذا اذا كان ضمير استفتحوا للرسل عليهم السلام وأما اذا كان للكفار فالعطف كما في البحر على استفتحوا أي استفتح الكفار على الرسل عليهم السلام وخابوا ولم يفلحوا وانما وضع كل جبار عنيد موضع ضميرهم ذما لهم وتسجيلا عليهم بالتجبر والعناد لا ان بعضهم ليسوا كذلك ولم تصبهم الخيبة ويقدر اذا كان الضمير للرسل عليهم السلام وللكفرة استفتحوا جميعا فنصر الرسل وخاب كل عات متمرد والخيبة على الوجهين بمعنى الحرمان غب الطلب وفي اسناد الخيبة الى كل منهم ما لايخفى من المبالغة من ورائه جهنم أي من قدامه وبين يديه كما قال الزجاج والطبري وقطرب وجماعة وعلى ذلك قوله : 1 أليس ورائي ان تراخت منيتي لزوم العصا نحني عليها الأصابع ومعنى كونها قدامه أنه مرصد لها واقف على شفيرها ومبعوث اليها وقيل : المراد من خلف حياته وبعدها ومن ذلك .
قوله : حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب واليه ذهب ابن الأنباري واستعمال وراء في هذا وذاك بناء على أنها من الأضداد عند أبي عبيدة