وهذا لايعول عليه فمن حفظ حجة على من لم يحفظ وأجيب عن شبهة ابن جبير بأنهم قد يقولون : إن السورة مكية وبعض آياتها مدنية فلتكن هذه من ذلك وأنت تعلم أنه لابد لهذا من نقل .
وفي البحر أن ماذكر لايستقيم إلا أن تكون هذه الآية مدنية والجمهور على أنها مكية وأجيب بأن ذلك لاينافي كون الآية مكية بأن يكون الكلام اخبارا عما سيشهد به ولك أن تقول إذا كان المعنى على طرز مافي الكشف وانه لايلزم من كفاية من ذكر في الشهادة اداؤها لم يضر كون الآية مكية وعدم إسلام عبدالله ابن سلام حين نزولها بل ولا عدم حضوره ولا مانع أن تكون الآية مكية والمراد من الذين كفروا أهل مكة وممن عنده علم الكتاب اليهود والنصارى كما أخرجه ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس ويكون حاصل الجواب بذلك إنكم لستم بأهل كتاب فاسألوا أهله فانهم في جواركم نعم قال شيخ الاسلام : ان الآية مدنية بالاتفاق وكأنه لم يقف على الخلاف وقيل : المراد بالكتاب اللوح و من عبارة عنه تعالى وروى هذا عن مجاهد والزجاج وعن الحسن لا والله مايعني إلا الله تعالى والمعنى كما في الكشاف كفى بالذي يستحق العبادة وبالذي لايعلم علم مافي اللوح إلا هو شهيدا بيني وبينكم وبهذا التأويل صار العطف مثله في قوله : إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم فلا محذور في العطف والحصر إما من الخارج لأن علم ذلك مخصوص به تعالى أو للذهاب إلى أن الظرف خبر مقدم فيفيد الحصر وقسم الحسن للمبالغة في رد مازعموا على ماقيل : وفي الكشف إنما بالغ الحسن لما قدمنا 1 من بناء السورة الكريمة على مابني وجعل السابقة مثل الخاتمة ومافي العطف من النكتة ولهذا فسره الزمخشري بقوله : كفى بالذي الخ عطفه عطف ذات على ذات إشارة الى الاستقلال بالشهادة من كل واحد من الوصفين من غير نظر إلى الآخر فالذي يستحق العبادة قد شهد بما شحن الكتاب من الدعوة إلى عبادته وبما أيد عبده من عنده بأنواع التأييد والذي لايعلم علم ما في اللوح أي علم كل شيء إلا هو قد شهد بما ضمن الكتاب من المعارف وأنزله على أسلوب فائق على المتعارف ويعضد ذلك القول أنه قرأ على كرم الله تعالى وجهه وأبى وابن عباس وعكرمة وابن جبير وعبدالرحمن بن أبي بكرة والضحاك وسالم بن عبدالله ابن عمر وابن أبي اسحق ومجاهد والحكم والاعمش ومن عنده علم الكتاب بجعل من حرف جر والجار والمجرور خبر مقدم وعلم مبتدأ مؤخر .
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه أيضا وابن السميقع والحسن بخلاف عنه ومن عنده بحرف الجر و علم الكتاب على أن علم فعل مبني للمفعول و الكتاب نائب الفاعل فان ضمير عنده على القراءتين راجع لله تعالى كما في القراءة السابقة على ذلك التأويل والاصل توافق القراآت وقيل : المراد بالكتاب اللوح وبمن جبريل عليه السلام وأخرج تفسير من بذلك ابن أبي حاتم عن ابن جبير وهو كما ترى .
وقال محمد بن الحنفية والباقر كما في البحر : المراد بمن على كرم الله تعالى وجهه والظاهر أن المراد بالكتاب حينئذ القرآن ولعمري أن عنده رضي الله تعالى عنه علم الكتاب كملا لكن الظاهر أنه كرم الله تعالى وجهه غير مراد والظاهر أن من في قراءة الجمهور في محل جر بالعطف على لفظ الاسم الجليل ويؤيده أنه قرىء باعادة الباء في الشواذ وقيل : إنه في محل رفع بالعطف على محله لأن الباء زائدة وقال ابن عطية :