والنفوس والجار والمجرور خبر مقدم وقوله سبحانه : الحسنى أي المثوبة الحسنى وهي الجنة كما قال قتادة وغيره وعن مجاهد الحياة الحسنى أي الطيبة التي لايشوبها كدر أصلا وعن ابن عباس أن المراد جزاء الكلمة الحسنى وهي لاإله إلا الله وفيه من البعد مالايخفى مبتدأ مؤخر والذين لم يستجيبوا له سبحانه وعاندوا الحق الجلي لو أن لهم مافي الأرض من أصناف الأموال جميعا بحيث لم يشذ منه شاذ في أقطارها أو مجموعا غير متفرق بحسب الأزمان ومثله معه لافتدوا به أي بالمذكور مما في الأرض ومثله معه جميعا ليتخلصوا عما بهم وفيه من تهويل ما يلقاهم مالا يحيط به البيان والموصول مبتدأ والجملة الشرطية خبره وهي على ماقيل واقعة موقع السوأى المقابلة للحسنى الواقعة في القرينة الأولى فكأنه قيل : وللذين لم يستجيبوا له السوأى وتعقب بأن الشرطية وان دلت على سوء حالهم لكنها بمعزل عن القيام مقام لفظ السوأى مصحوبا باللام الجارة الداخلة على الموصول أو ضميره وعليه يدور حصول المرام فالذي ينبغي أن يعول عليه أن الواقع في تلك المقابلة سوء الحساب في قوله تعالى : أولئك لهم سوء الحساب وحيث كان اسم الاشارة الواقع مبتدأ في هذه الجملة عبارة عن الموصول الواقع مبتدأ في الجملة السابقة كان خبره أعني الجملة الظرفية خبرا عن الموصول في الحقيقة ومبينا لابهام مضمون الشرطية الواقعة خبرا عنه أولا ولذلك ترك العطف فكأنه قيل : والذين لم يستجيبوا له لهم سوء الحساب وذلك في قوة أن يقال : وللذين لم يستجيبوا له سوء الحساب مع زيادة تأكيد فتم حسن المقابلة على أبلغ وجه وآكده واعتذر بأنه يمكن أن يكون المراد أن لو أن لهم مافي الأرض جميعا إلى آخر الآية واقع موقع ذلك على معنى أن رعاية حسن المقابلة لقوله تعالى : للذين استجابوا لربهم الحسنى تقتضي أن يقال : وللذين لم يستجيبوا له السوأى ولايزداد على ذلك لكنه جيء بقوله سبحانه : لو أن لهم الخ بدل ماذكر ولعل في كلام الطيبي ما يستأنس به لذلك والى اعتبار السوأى في المقابلة ذهب أيضا صاحب الكشف قال : ان قوله تعالى لو أن لهم في مقابلة الحسنى بدل السوأى مع زيادة تصوير وتحسير وأوثر الاجمال في الأول دلالة على أن جزاء المستجيبين لايدخل تحت الوصف فتدبر والمراد بسوء الحساب أي الحساب السيء على ما روى عن ابراهيم النخعي والحسن أن يحاسبوا بذنوبهم كلها لايغفر لهم منها شيء وهو المعنى بالمناقشة وعن ابن عباس هو ان يحاسبوا فلا تقبل حسناتهم ولا تغفر سيآتهم ومأواهم أي مرجعهم جهنم بيان لمؤدى ما تقدم وفيه نوع تأييد لتفسير الحسنى بالجنة وبئس المهاد .
81 .
- أي المستقر والمخصوص بالذم محذوف أي مهادهم أو جهنم .
وقال الزمخشري : اللام في قوله تعالى : للذين استجابوا متعلقة يضرب الله الامثال وقوله سبحانه : الحسنى صفة للمصدر أي استجابوا الاستجابة الحسنى وقوله D : والذين لم يستجيبوا معطوف على الموصول الاول وقوله جل وعلا : لو أن لهم الخ كلام مستأنف مسوق لبيان ما أعد لغير المستجيبين من العذاب والمعنى كذلك يضرب الله تعالى الامثال للمؤمنين المستجيبين والكافرين المعاندين أي هما مثلا الفريقين انتهى قال أبو حيان : والتفسير الاول أولى لأن فيه ضرب الأمثال غير مقيد بمثل هذين والله تعالى قد ضرب امثالا كثيرة في هذين وفي غيرهما ولأن فيه ذكر ثواب المستجيبين بخلاف هذا ولأن تقدير الاستجابة الحسنى مشعر بتقييد الاستجابة ومقابلها ليس نفي الاستجابة مطلقا وانما