مثل آخر أي ومن الذي يفعلون الايقاد عليه وضمير الجمع للناس أضمر مع عدم السبق لظهوره وقرأ أكثر السبعة وأبو جعفر والأعرج وشيبة توقدون بتاء الخطاب والجار متعلق بما عنده وكذا قوله تعالى : في النار عند أبي البقاء والحوفي قال أبو علي : قد يوقد على الشيء وليس في النار كقوله تعالى : فأوقد لي ياهامان على الطين فان الطين الذي أمر بالوقد عليه ليس في النار وإنما يصيبه لهبها وقال مكي وغيره : إن في النار متعلق بمحذوف وقع حالا من الموصول أي كائنا أو ثابتا فيها ومنعوا تعلقه بتوقدون قالوا : لأنه لايوقد على شيء الا وهو في النار والتعليق بذلك يتضمن تخصيص حال من حال أخرى وقال أبو حيان : لو قلنا : إنه لايوقد على شيء إلا وهو في النار لجاز أيضا التعليق على سبيل التوكيد كما قالوا في قوله تعالى : ولا طائر يطير بجناحيه وقيل : إن زيادة ذلك للاشعار بالمبالغة في الاعتمال للاذابة وحصول الزبد والمراد بالموصول نحو الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص وفي عدم ذكرها بأسمائها والعدول إلى وصفها بالايقاد عليها المشعر بضربها بالمطارق لأنه لأجله وبكونها كالحطب الخسيس تهاون بها اظهارا لكبريائه جل شأنه على ماقيل وهو لاينافي كون ذلك ضرب مثل للحق لأن مقام الكبرياء يقتضي التهاون بذلك مع الاشارة إلى كونه مرغوبا فيه بقوله تعالى : ابتغاء حلية أو متاع فوفى كل من المقامين حقه فما قيل : إن الحمل على التهاون لايناسب المقام لأن المقصود تمثيل الحق بها وتحقيرها لايناسب ساقط فتأمل .
ونصب ابتغاء على أنه مفعول كما هو الظاهر وقال الحوفي : إنه مصدر في موضع الحال أي مبتغين وطالبين اتخاذ حلية وهي مايتزين ويتجمل به كالحلي المتخذ من الذهب والفضة واتخاذ متاع وهو ما يتمتع به من الاواني والآلات المتخذة من الحديد والرصاص وغير ذلك من الفلزات زبد خبث مثله أي مثل ماذكر من زبد الماء في كونه رابيا فوقه رفع زبد على أنه مبتدأ خبره مما توقدون و من لابتداء الغاية دالة على مجرد كونه مبتدأ وناشئا منه واستظهر أبو حيان كونها للتبعيض لأن ذلك الزبد بعض ما يوقد عليه من تلك المعادن ولم يرتضه بعض المحققين لإخلاله على ما قال بالتمثيل وإنما لم يتعرض لإخراج ذلك من الأرض كما تعرض لعنوان انزال الماء من السماء لعدم دخل ذلك العنوان في التمثيل على ما ستعلمه إن شاء الله تعالى كما أن للعنوان السابق دخلا فيه بل له اخلال بذلك كذلك أي مثل ذلك الضرب البديع المشتمل على نكت رائقة : يضرب الله الحق والباطل أي مثل الحق ومثل الباطل والحذف للابناء 1 على كمال التماثل بين الممثل والممثل به كأن المثل المضروب عين الحق والباطل فأما الزبد من كل من السيل وما يوقدون عليه وأفرد ولم يثن وإن تقدم زبد ان لاشتراكهما في مطلق الزبد فهما واحد باعتبار القدر المشترك فيذهب جفاءا مرميا به يقال : جفا الماء بالزبد إذا قذفه ورمى به ويقال : أجفأ أيضا بمعناه وقال ابن الانباري : جفاء أي متفرقا من جفأت الريح الغيم إذا قطعته وفرقته وجفأت الرجل صرعته ويقال : جفأ الوادي وأجفأ إذا نشف وقريء جفالا باللام بدل الهمزة وهو بمعنى متفرقا أيضا أخذا من جفلت الريح الغيم كجفأت ونسبت هذه القراءة الى رؤبة قال ابن أبي حاتم : ولايقرأ بقراءته لأنه كان يأكل الفأر يعني أنه كان اعرابيا جافيا