منكم نفعا يستجلونه ولاضرا يدفعونه عنها فضلا عن القدرة على جلب النفع للغير ودفع الضرر عنه والهمزة للانكار والمراد بعد أن علمتموه رب السموات والأرض اتخذتم من دونه أولياء في غاية العجز عن نفعكم فجعلتم ما كان يجب أن يكون سبب التوحيد من علمكم سبب الاشراك فالفاء عاطفة للتسبب والتفريع دخلت الهمزة عليه لأن المنكر الاتخاذ بعد العلم لا العلم ولاهما معا ووصف الأولياء بما ذكر مما يقوى الانكار ويؤكده ويفهم على ماقيل من كلام البعض أن هذا دليل ثان على ضلالهم وفساد رأيهم في اتخاذهم أولياء رجاء أن ينفعوهم واختلف في الدليل الأول فقيل : هو ما يفهم من قوله تعالى : قل أفاتخذتم من دونه أولياء وقيل : هو مايفهم من قوله سبحانه : والذين يدعون من دونه الخ فتدبر قل تصويرا لآرائهم الركيكة بصورة المحسوس هل يستوي الأعمى الذي هو المشرك الجاهل بالعبادة ومستحقها والبصير الذي هو الموحد العالم بذلك والى هذا ذهب مجاهد وفي الكلام عليه استعارة تصريحية وكذا على ماقيل : ان المراد بالأول الجاهل بمثل هذه الحجة وبالثاني العالم بها وقيل : إن الكلام على التشبيه والمراد لايستوي المؤمن والكافر كما لايستوي الاعمى والبصير فلا مجاز ومن الناس من فسر الأول بالمعبود الغافل 1 والثاني بالمعبود العالم بكل شيء وفيه بعد أم هل تستوي الظلمات التي هي عبارة عن الكفر والضلال والنور الذي هو عبارة عن الايمان والتوحيد وروى ذلك عن مجاهد أيضا وجمع الظلمات لتعدد أنواع الكفر ككفر النصارى وكفر المجوس وكفر غيرهم وكون الكفر كله ملة واحدة أمر آخر .
و أم كما في البحر منقطعة وتقدر ببل والهمزة على المختار والتقدير بل أهل تستوي وهل وإن نابت عن الهمزة في كثير من المواضع فقد جامعتها أيضا كما في قوله .
أهل رأونا بوادي القف ذي الاكم .
وإذا جامعتها مع التصريح بها فلأن تجامعها مع أم المتضمنة لها أولى ويجوز فيها بعد أم هذه أن يؤتي بها لشبهها بالأدوات الاسمية التي للاستفهام في عدم الاصالة فيه كما في قوله تعالى : أم من يملك السمع والابصار ويجوز أن لايؤتى بها لأن أم متضمنة للاستفهام وقد جاء الامران في قوله : هل ما علمت وما استودعت مكتوم أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم أم هل كبير بكى لم يقض عبرته أثر الاحبة يوم البين مشكوم وقرأ الاخوان وأبو بكر أم هل يستوي بالباء التحتية ثم إنه تعالى أكد مااقتضاه الكلام السابق من تخطئة المشركين فقال سبحانه : أم جعلوا أي بل أجعلوا لله جل وعلا شركاء خلقوا كخلقه سبحانه وتعالى والهمزة لانكار الوقوع وليس المنكر هو الجعل لأنه واقع منهم وإنما هو الخلق كخلقه تعالى والمعنى أنهم لم يجعلوا لله تعالى شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم بسبب ذلك وقالوا : هؤلاء خلقوا كخلق الله تعالى واستحقوا بذلك العبادة كما استحقها سبحانه ليكون ذلك منشأ لخطئهم بل انما جعلوا له شركاء عاجزين لايقدرون على مايقدر عليه الخلق فضلا عما يقدر عليه الخالق والمقصود