أصحاب النار هم فيها خلدون .
5 .
- لاينفكون عنها قيل : وتوسيط الفصل ليس لتخصيص الخلود بمنكري البعث خاصة بل بالجميع المدلول عليه بقوله تعالى : أولئك الذين كفروا بربهم .
وأورد على ذلك أن هم ليس ضمير فصل لأن شرطه أن يقع بين مبتدأ وخبر يكون اسما معرفة أو مثل المعرفة في أنه لايقبل حرف التعريف كأفعل التفضيل وهذا ليس كذلك وأجيب بأن المراد بالفصل الضمير المنفصل وأنه أتى به وجعل الخبر جملة مع أن الاصل فيه الافراد لقصد الحصر والتخصيص المذكور كما في هو عارف .
وقال بعضهم : لعل القائل بما ذكر لايتبع النحاة في الاشتراط المذكور كما أن الجرجاني والسهيلي جوزا ذلك إذا كان الخبر مضارعا واسم للفاعل مثله ويستعجلونك بالسيئة بالعقوبة التي هددوا بها على الاصرار على الكفر استهزاءا وتكذيبا قبل الحسنة أي العافية والسلامة منها والمراد بكونها قبلها أن سؤالها قبل سؤالها أو أن سؤالها قبل انقضاء الزمان المقدر لها وأخرج ابن جرير وغيره عن قتادة انه قال في الآية : هؤلاء مشركوا العرب استعجلوا بالشر قبل الخير فقالوا : اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم وقد خلت من قبلهم المثلات جمع مثلة كسمرة وسمرات وهي العقوبة الفاضحة وفسرها ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بالعقوبة المستأصلة للعضو كقطع الاذن ونحوه سميت بها لما بين العقاب والمعاقب به من المماثلة كقوله تعالى : وجزاء سيئة سيئة مثلها أو هي ماخوذة من المثال بمعنى القصاص يقال : أمثلت الرجل من صاحبه وأقصصته بمعنى واحد أو هي من المثل المضروب لعظمها .
والجملة في موضع الحال لبيان ركاكة رأيهم في الاستعجال بطريق الاستهزاء أي يستعجلونك بذلك مستهزئين بانذارك منكرين لوقوع ماأنذرتهم اياه والحال أنه قد مضت العقوبات الفاضحة النازلة على أمثالهم من المكذبين المستهزئين وقرأ مجاهد والأعمش المثلات بفتح الميم والثاء وعيسى بن عمرو في رواية الاعمش : وأبو بكر بضمهما وهو لغة أصلية ويحتمل أنه أتبع فيه العين للفاء وابن وثاب بضم الميم وسكون الثاء وهي لغة تميم وابن مصرف بفتح الميم وسكون الثاء وهي لغة الحجازيين وإن ربك لذو مغفرة عظيمة للناس على ظلمهم أنفسهم بالذنوب والمعاصي والجار والمجرور في موضع الحال من الناس والعامل فيها هو العامل في صاحبها وهو مغفرة أي أنه تعالى لغفور للناس مع كونهم ظالمين : قيل : وهذه الآية ظاهرة في مذهب أهل السنة وهو جواز مغفرة الكبائر والصغائر بدون توبة لأنه سبحانه ذكر المغفرة مع الظلم أي الذنب ولا يكون معه الا قبل التوبة لأن التائب من الذنب كمن لاذنب له وأول ذلك المعتزلة بأن المراد مغفرة الصغائر لمجتنب الكبائر أو مغفرتها لمن تاب أو المراد بالمغفرة معناها اللغوي وهو الستر بالامهال وتأخير العقاب الى الآخرة كأنه قيل : انه تعالى لايعجل للناس العقوبة وان كانوا ظالمين بل يستر عليهم بتأخيرها واعترض التأويل بالتخصيص بأنه تخصيص للعام من غير دليل واجيب بأن الكفر قد خص بالاجماع فيسري التخصيص الى ذلك وتعقب الأخير بأنه في غاية البعد لأنه كما قال الامام لايسمى مثله مغفرة والا لصح ان يقال : الكفار مغفورون ورد بأن المغفرة حقيقتها في اللغة الستر وكونهم مغفورين بمعنى