يعقوب عليهما السلام لأن يعقوب كان أشد حبا لهم فعاتبهم بالتأخير ويوسف لم يرهم أهلا للعتاب فتجاوز عنهم من أول وهلة أو اكتفى بما أصابهم من الخجل وكان خجلهم منه أقوى من خجلهم من أبيهم وفي المثل كفى للمقصر حياء يوم اللقاء فلما دخلوا على يوسف آوى اليه أبويه لأنهما ذاقا طعم مرارة الفراق فخصهما من بينهم بمزيد الدنو يوم التلاق ومن هنا يتبين أين منازل العاشقين يوم الوصال وخروا له سجدا حيث بان لهم أنواع جلال الله تعالى في مرآة وجهه عليه السلام وعاينوا ماعاينت الملائكة عليهم السلام من آدم عليه السلام حين وقعوا له ساجدين وما هو إذ ذاك إلا كعبة الله تعالى التي فيها آيات بينات مقام ابراهيم رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلما مفوضا اليك شأني كله بحيث لايكون لي رجوع الى نفسي ولا الى سبب من الاسباب بحال من الأحوال وألحقني بالصالحين بمن أصلحتهم لحضرتك وأسقطت عنهم سمات الخلق وأزلت عنهم رعونات الطبع ولا يخفى مافي تقديمه عليه السلام الثناء على الدعاء من الأدب وهو الذي يقتضيه المقام ومايؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون قال غير واحد من الصوفية : من التفت إلى غير الله تعالى فهو مشرك وقال قائلهم : ولو خطرت لي في سواك إرادة على خاطري سهوا حكمت بردتي قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة بيان من الله تعالى وعلم لا معارضة للنفس والشيطان فيه انا ومن اتبعني وذكر بعض العارفين أن البصيرة أعلى من النور لأنها لاتصح لاحد وهو رقيق الميل الى السوى وفي الآية اشارة الى أنه ينبغي للداعي الى الله تعالى أن يكون عارفا بطريق الايصال اليه سبحانه عالما بما يجب له تعالى وما يجوز وما يمتنع عليه جل شأنه والدعاة الى الله تعالى اليوم من هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم الى الارشاد بزعمهم أجهل من حمار الحكيم توما وهم لعمري في ضلالة مدلهمة ومهامه يحار فيها الخريت وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ولبئس ماكانوا يصنعون لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب وهم ذوو الأحوال من العارفين والعاشقين والصابرين والصادقين وغيرهم وفيها أيضا عبرة للملوك في بسط العدل كما فعل يوسف عليه السلام ولأهل التقوى في ترك ما تراودهم النفس الشهوانية عليه وللمماليك في حفظ حرم السادة ولا أحد أغير من الله تعالى ولذلك حرم الفواحش وللقادرين في العفو عمن أساء اليهم ولغيرهم في غير ذلك ولكن أين المعتبرون أشباح ولا أرواح وديار ولا ديار فانا لله وانا اليه راجعون هذا .
وقد أول بعض الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم يوسف بالقلب المستعد الذي هو في غاية الحسن ويعقوب بالعقل والاخوة بني العلات بالحواس الخمس الظاهرة والخمس الباطنة والقوة الشهوانية وبنيامين بالقوة العاقلة العملية وراحيل أم يوسف اللوامة وليا بالنفس الامارة والجب بعقر الطبيعة البدنية والقميص الذي ألبسه يوسف في الجب بصفة الاستعداد الاصلي والنور الفطري والذئب بالقوة الغضبية والدم الكذب بأثرها وابيضاض عين يعقوب بكلال البصيرة وفقدان نور العقل وشراؤه من عزيز مصر بثمن بخس بتسليم الطبيعة له الى عزيز الروح الذي في مصر مدينة القدس بما يحصل للقوة الفكرية من المعاني الفائضة عليها من الروح وامرأة العزيز بالنفس اللوامة وقد القميص من دبر بخرقها لباس الصفة النورية التي هي من قبل الاخلاق الحسنة والاعمال الصالحة ووجد ان السيد بالباب بظهور نور الروح عند اقبال