دنا وصال الحبيب واقتربا واطربا للوصال واطربا وقال ياأسفي على يوسف قال بعض العارفين : إن تأسفه على رؤية جمال الله تعالى من مرآة وجه يوسف عليه السلام وقد تمتع بذلك برهة من الزمان حتى حالت بينه وبينه طوارق الحدثان فتأسف عليه السلام لذلك واشتاقت نفسه لما هنالك .
سقى الله أياما لنا ولياليا مضت فجرت من ذكرهن دموع فياهل لها يوما من الدهر أوبة وهل لي الى أرض الحبيب رجوع وابيضت عيناه من الحزن حيث بكى حتى أضر بعينيه وكان ذلك حتى لايرى غير حبيبه لما تيقنت اني لست أبصركم غمضت عيني فلم أنظر الى أحد قال بعض العارفين : الحكمة في ذهاب بصر يعقوب وبقاء بصر آدم وداود عليهما السلام مع أنهما بكيا دهرا طويلا ان بكاء يعقوب كان بكاء حزن معجون بألم الفراق حيث فقد تجلى جمال الحق من مرآة وجه يوسف ولا كذلك بكاء آدم وداود فانه كان بكاء الندم والتوبة وأين ذلك المقام من مقام العشق وقال أبو سعيد القرشي : انما لم يذهب بصرهما لأن بكاءهما كان من خوف الله تعالى فحفظا وبكاء يعقوب كان لفقد لذة فعوتب وقيل : يمكن أن يكون ذهاب بصره عليه السلام من غيرة الله تعالى عليه حين بكى لغيره وان كان واسطة بينه وبينه ولهذا جاء أن الله تعالى أوحى اليه يا يعقوب أتتأسف على غيري وعزتي لآخذن عينيك ولا أردهما عليك حتى تنساه واختار بعض العارفين أن ذلك الاسف والبكاء ليسا الا لفوات ما انكشف له عليه السلام من تجلى الله تعالى في مرآة وجه يوسف عليه السلام ولعمري أنه لو كان شاهد تجليه تعالى في أول التعينات وعين أعيان الموجودات صلى الله تعالى عليه وسلم لنسي مارأى ولما عراه ماعرا ولله تعالى در سيدي ابن الفارض حيث يقول : لو أسمعوا يعقوب بعض ملاحة في وجهه نسي الجمال اليوسفي قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين هذا من الجهل بأحوال العشق وما عليه العاشقون فان العاشق يتغذى بذكر معشوقه .
فان تمنعوا ليلى وحسن حديثها فلن تمنعوا مني البكا والقوافيا واذا لم يستطع ذكره بلسانه كان مستغرقا بذكره اياه بجنانه .
غاب وفي قلبي له شاهد يولع اضماري بذكراه مثلت الفكرة لي شخصه حتى كأني أتراآه وكيف يخوف العاشق بالهلاك في عشق محبوبه وهلاكه عين حياته كما قيل : ولكن لدى الموت فيه صبابة حياة لمن أهوى على بها الفضل ومن لم يمت في حبه لم يعش به ودون اجتناء النحل ماجنت النحل قال انما أشكو بني وحزني الى الله وأعلم من الله مالا تعلمون أي أنا لاأشكو الى غيره فاني أعلم غيرته سبحانه وتعالى على أحبابه وأنتم لاتعلمون ذلك وأيضا من انقطع اليه تعالى كفاه ومن أناخ ببابه أعطاه وأنشد ذو النون