مفروغ عنه مقطوع إنما الكلام في تسبب الالقاء لاتيانه كذلك فهذا الوجه أرجح وان كان الأول من الخلافة بالقبول بمنزل وفيه دلالة على أنه عليه السلام قد ذهب بصره وعلم يوسف عليه السلام بذلك يحتمل أن يكون باعلامهم ويحتمل أن يكون بالوحي وكذا علمه بما يترتب على الالقاء يحتمل أن يكون عن وحي أيضا أو عن وقوف من قبل على خواص ذلك القميص بالتجربة أو نحوها إن كان المراد بالقميص الذي كان في التعويذة ويتعين الاحتمال الأول إن كان المراد غيره على ما هو الظاهر وقال الامام : يمكن أن يقال : لعل يوسف عليه السلام علم أن أباه ما عرا بصره ما عراه الا من كثرة البكاء وضيق القلب فاذا ألقى عليه قميصه فلابد وأن ينشرح صدره وأن يحصل في قلبه الفرح الشديد وذلك يقوي الروح ويزيل الضعف عن القوى فحينئذ يقوى بصره ويزول عنه ذلك النقصان فهذا القدر مما يمكن معرفته بالعقل فان القوانين الطبية تدل على صحته وأنا لا أرى ذلك قال الكلبي : وكان أولئك الأهل نحوا من سبعين انسانا 1 وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس أنهم اثنان وسبعون من ولده وولد ولده وقيل : ثمانون وقيل : تسعون وأخرج ابن المنذر وغيره عن ابن مسعود أنهم ثلاثة وتسعون وقيل : ست وتسعون وقد نموا في مصر فخرجوا منها مع موسى عليه السلام وهم ستمائة ألف وخمسمائة وبضعة وسبعون رجلا سوى الذرية والهرمي وكانت الذرية ألف ألف ومائتي ألف على ما قيل .
ولما فصلت العير خرجت من عريش مصر قاصدة مكان يعقوب عليه السلام وكان قريبا من بيت المقدس والقول بأنه كان بالجزيرة لايعول عليه يقال : فصل من البلد يفصل فصولا إذا انفصل منه وجاوز حيطانه وهو لازم وفصل الشيء فصلا إذا فرقه وهو متعد وقرأ ابن عباس ولما انفصل العير قال أبوهم يعقوب عليه السلام لمن عنده إني لأجد ريح يوسف أي لأشم فهو وجود حاسة الشم أشمه الله تعالى ما عبق بالقميص من ريح يوسف عليه السلام من مسيرة ثمانية أيام على ما روى عن ابن عباس وقال الحسن وابن جريج من ثمانين فرسخا وفي رواية عن الحسن أخرى من مسيرة ثلاثين يوما وفي أخرى عنه من مسيرة عشر ليال وقد استأذنت الريح على ما روى عن أبي أيوب الهروي في أيصال عرف يوسف عليه السلام فأذن الله تعالى لها وقال مجاهد : صفقت الريح القميص فراحت روائح الجنة في الدنيا واتصلت يعقوب عليه السلام فوجد ريح الجنة فعلم أنه ليس في الدنيا إلا ما كان من ذلك القميص فقال ما قال ويبعد ذلك الأضافة فانها حينئذ لأدنى ملابسة وهي فيما قبل وإن كانت كذلك أيضا إلا أنها أقوى بكثير منها على هذا كما لايخفى لولا أن تفندون .
49 .
- أي تنسبوني إلى الفند بفتحتين ويستعمل بمعنى الفساد 2 كما في قوله : إلا سليمان إذ قال الاله له .
قم في البرية فاحددها عن الفند وبمعنى ضعف الرأي والعقل من الهرم وكبر السن ويقال : فند الرجل إذا نسبه إلى الفند وهو على ماقيل مأخوذ من الفند وهو الحجر كأنه جعل حجرا لقلة فهمه كما قيل :