معمول المصدر من تمامه وأيضا لو كان متعلقا به لم يجز بناؤه لأنه حينئذ من قبيل المشبه بالمضاف وهو الذي يسمى المطول والممطول فيجب أن يكون معربا منونا ولو قيل : الخبر محذوف و عليكم متعلق بمحذوف يدل عليه تثريب وذلك المحذوف هو العامل في اليوم والتقدير لاتثريب عليكم اليوم كما قدروا في لا عاصم اليوم من أمر الله أي لاعاصم يعصم اليوم لكان وجها قويا لأن خبر لا إذا علم كثر حذفه عند أهل الحجاز ولم يلفظ به بنو تميم وكذا منع ذلك أبو البقاء وعالمه بلزوم الاعراب والتنوين أيضا واعترض بأن المصرح به في متون النحو بأن شبيه المضاف سمع فيه عدم التنوين نحو لا طالع جبلا ووقع في الحديث لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت باتفاق الرواة فيه وانما الخلاف فيه هل هو مبني أو معرب ترك تنوينه وفي التصريح نقلا عن المغني أن نصب الشبيه بالمضاف وتنوينه هو مذهب البصريين وأجاز البغداديون لا طالع جبلا بلا تنوين أجروه في ذلك مجرى المضاف كما اجروه مجراه في الاعراب وعليه يتخرج الحديث لامانع الخ .
فيمكن أن يكون مبنى ماقاله ابو حيان وغيره مذهب البصريين والحديث المذكور لايتعين كما قال الدنوشري أخذا من كلام المغني في الجهة الثانية من الباب الخامس حمله على ماذكر لجواز كون اسم لا فيه مفردا واللام متعلقة بالخبر والتقدير لا مانع لما اعطيت وكذا فيما بعده وذكر الرضي أن الظرف بعد النفي لايتعلق بالمنفي بل بمحذوف وهو خبر وأن اليوم في الآية معمول عليكم ويجوز العكس واعترض أيضا حديث الفصل بين المصدر ومعمول بما فيه مافيه وقيل : عليكم بيان كلك في سقيالك فيتعلق بمحذوف و اليوم خبر .
جوز أيضا كون الخبر ذاك و اليوم متعلقا بقوله : يغفر الله لكم ونقل عن المرتضى أنه قال في الدرر : قد ضعف هذا قوم من جهة أن الدعاء لاينصب ماقبله ولم يشتهر ذلك وقال ابن المنير : لو كان متعلقا به لقطعوا بالمغفرة باخبار الصديق ولم يكن كذلك لقولهم : ياأبانا استغفر لنا ذنوبنا وتعقب بأنه لاطائل تحته لأن المغفرة وهي ستر الذنب يوم القيامة حتى لايؤاخذوا به ولا يقرعوا إنما يكون ذلك الوقت وأما قبله لحاصل هو الاعلام به والعلم بتحقق وقوعه بخبر الصادق لايمنع الطلب لأن الممتنع طلب الحاصل لا طلب ما يعلم حصوله على أنه يجوز أن يكون هضما للنفس واعتبر باستغفار الانبياء عليهم السلام ولا فرق بين الدعاء والاخبار هنا انتهى .
وقد يقال أيضا : إن الذي طلبوه من أبيهم مغفرة ما يتعلق به ويرجع إلى حقه ولم يكن عندهم علم بتحقق ذلك على أنه يجوز أن يقال : إنهم لم يعتقدوا إذ ذاك نبوته وظنوه مثلهم غير نبي فانه لم يمض وقت بعد معرفة أنه يوسف يسع معرفة أنه نبي أيضا وما جرى من المفاوضة لايدل على ذلك فافهم وإلى حمل الكلام على الدعاء ذهب غير واحد وذهب جمع أيضا إلى كونه خبرا والحكم بذلك مع أنه غيب قيل : لأنه عليه السلام صفح عن جريمتهم حينئذ وهم قد اعترفوا بها أيضا فلا محالة أنه سبحانه يغفر لهم ما يتعلق به تعالى وما يتعلق به عليه السلام بمقتضى وعده جل شأنه بقبول توبة العباد وقيل : لأنه عليه السلام قد أوحى اليه بذلك وأنت تعلم أن أكثر القراء على الوقف على اليوم وهو ظاهر في عدم تعلقه بيغفر وهو اختيار الطبري وابن اسحق وغيرهم واختاروا كون الجملة بعد دعائية وهو الذي يميل اليه الذوق والله تعالى أعلم وهو أرحم الرحمين .
29 .
- فان كل من يرحم سواه جل وعلا فانما يرحم برحمته سبحانه مع كون ذلك مبنيا على جلب نفع أو دفع ضر ولا أقل من دفع ما يجده في نفسه من التألم الروحاني مما يجده في المرحوم وقيل : لأنه تعالى يغفر الصغائر