وأعلم وأعلم من الله أي من لطفه ورحمته مالا تعلمون .
68 .
- فأرجو أن يرحمني ويلطف بي ولا يخيب رجائي فالكلام على حذف مضاف و من بيانية قدمت على المبين وقد جوزه النحاة وجوز أن تكون ابتدائية أي أعلم وحيا أو الهاما أو بسبب من أسباب العلم من جهته تعالى ما لاتعلمون من حياة يوسف عليه السلام .
قيل : إنه عليه السلام علم ذلك من الرؤيا حسبما تقدم وقيل إنه رأى ملك الموت في المنام فأخبره أن يوسف حي ذكره غيره واحد ولم يذكروا له سندا والمروي عن ابن أبي حاتم عن النضر أنه قال : بلغني أن يعقوب عليه السلام مكث أربعة وعشرين عاما لايدري يوسف عليه السلام حي أم ميت حتى تمثل له ملك الموت عليه السلام فقال له : من أنت قال : أنا ملك الموت فقال : أنشدك باله يعقوب هل قبضت روح يوسف قال : لا فعند ذلك قال عليه السلام : يابني اذهبوا فتحسسوا أي فتعرفوا وهو تفعل من الحس وهو في الاصل الادراك بالحاسة وكذا أصل التحسس طلب الاحساس واستعماله في التعرف استعمال له في لازم معناه وقريب منه التجسس بالجيم وقيل : إنه به في الشر وبالحاء في الخير ورد بأنه قريء هنا فتجسسوا بالجيم أيضا وقال الراغب : أصل الجس مس العرق وتعرف نبضه للحكم به على الصحة والمرض وهو أخص من الحس فانه تعرف مايدركه الحس والجس تعرف حال ما من ذلك من يوسف وأخيه أي من خبرهما ولم يذكر الثالث لأن غيبته اختيارية لايعسر إزالتها وعلى فرض ذلك الداعية فيهم للتحسس منه لكونه أخاهم قوية فلا حاجة لأمرهم بذلك والجار متعلق بما عنده وهو بمعنى عن بناء على ما نقل عن ابن الانباري أنه لايقال : تحسست من فلان وإنما يقال : تحسست عنه وجوز أن تكون للتبعيض على معنى تحسوا خبرا من أخبار يوسف وأخيه .
ولا تيأسوا من روح الله أي لاتقنطوا من فرجه سبحانه وتنفيسه وأصل معنى الروح بالفتح كما قال الراغب التنفس يقال : أراح الانسان إذا تنفس ثم استعير للفرج كما قيل : له تنفيس من النفس .
وقرأ عمر بن عبدالعزيز والحسن وقتادة روح بالضم وفسر بالرحمة على أنه استعارة من معناها المعروف لأن الرحمة سبب الحياة كالروح وإضافتها إلى الله تعالى لأنها منه سبحانه وقال ابن عطية كأن معنى هذه القراءة لاتيأسوا من حي معه روح الله الذي وهبه فان كل من بقيت روحه يرجى ومن هذا قوله : .
وفي غير من قد وارت الأرض فاطمع .
وقول عبيد بن الأبرص : وكل ذي غيبة يؤب وغائب الموت لايؤب وقرأ أبي من رحمة الله وعبدالله من فضل الله وكلاهما عند أبي حيان تفسير لاقراءة وقريء تأيسوا وقرأ الأعرج تيئسوا بكسر التاء والأمر والنهي على ما قيل إرشاد لهم إلى بعض ماأبهم في قوله : وأعلم من الله مالا تعلمون ثم إنه عليه السلام حذرهم عن ترك العمل بموجب نهيه بقوله : انه أي الشأن لاييأس من روح الله إلا القوم الكفرون .
78 .
- لعدم علمهم بالله تعالى وصفاته فان العارف لايقنط في حال من الأحوال أو تأكيدا لما يعلمونه من ذلك قال ابن عباس : إن المؤمن من الله تعالى على خير يرجوه