وهو على ماقيل اضراب لا عن صريح كلامهم فانهم صادقون فيه بل عما يتضمنه من ادعاء البراءة عن التسبب فيما نزلبه ونه لميصدر عه ماأدى الى ذلك من قول أو فعل كأنه لم يكن الأمر كذلك بل زينت وسهلت لكم أنفسكم أمرا من الامور فأتيتموه يريد بذلك فتياهم بأخذ السارق بسرقته وليس ذلك من دين الملك .
وقال أبو حيان إن هنا كلاما محذوفا وقع الاضراب عنه والتقدير ليس حقيقة كما أخبرتم بل سولت الخ وهو عند ابن عطية وادعى أنه الظاهر على حد ما قال في قصة يوسف عليه السلام ظن سومبهم خلا أنه عليه السلام صدق ظنه هناك ولم يتحقق هنا وذكر ابن المنير في توجيه هذا القول ههنا مع أنهم لم يعتمدوا في حق بنيامين سوأ ولا أخبروا أباهم الا بالواقع على جليته وما تركوه بمصر الا مغلوبين عن استصحابه انهم كانوا عند أبيهم عليه السلام حينئذ متهمين وهم قمن باتهامه لما اسلفوه في حق يوسف عليه السلام وقامت عنده قرينة تؤكد التهمة وتقويها وهو اخذ الملك له في السرقة ولم يكن ذلك إلا من دينه لا من دينه ولا من دين غيره من الناس فظن أنهم الذين افتوه بذلك بعد ظهور السرقة التي ذكروها تعمدا ليتخلف دونهم واتهام من هو بحيث يتطرق اليه التهمة لاجرح فيه لاسيما فيما يرجع الى الوالد مع الولد ثم قال : ويحتمل أن يكون الوجه الذي سوغ له هذا القول في حقهم أنهم جعلوا مجرد وجود الصواع في رحل من يوجد في رحله سرقة من غير أن يحيلوا الحكم على ثبوت كونه سارقا بوجه معلوم وهذا في شرعنا لايثبت السرقة على من ادعيت عليه فان كان في شرعهم أيضا كذلك ففي عدم تحرير الفتوى اشعار بأنهم كانوا حراصا على أخذه وهو من التسويل وان اقتضى ذلك في شرعهم فالعمدة على الجواب الاول هذا والتنوين في أمرا للتعظيم أي أمرا عظيما فصبر جميل أي فأمري ذلك أو فصبر جميل أجمل وقد تقدم تمام الكلام فيه فتذكر .
عسى الله أن يأتيني بهم جميعا بيوسف وأخيه بنيامين والمتوقف بمصر إنه هو العليم بحالي وحالهم الحكيم .
38 .
- الذي يبتلي ويرفع البلاء حسب الحكمة البالغة قيل : انما ترجى عليه السلام للرؤيا التي رآها يوسف عليه السلام فكان ينتظرها ويحسن ظنه بالله تعالى لاسيما بعد أن بلغ الشظاظ الوركين وجاوز الحزام البيين فانه قد جرت سنته تعالى ان الشدة اذا تناهت يجعل وراءها فرجا عظيما وانضم الى ذلك ماأخبر به عن ملك مصر أنه يدعو أن لايموت حتى يرى ولده وتولى أي أعرض عنهم كراهة لما جاؤا به وقال ياأسفي على يوسف الأسف أشد الحزن على مافات والظاهر أنه عليه السلام أضافة إلى نفسه والألف بدل من ياء المتكلم للتخفيف والمعنى ياأسفي تعال فهذا أوانك وقيل : الألف ألف الندبة والهاء محذوفة والمعول عليه الأول وإنما تأسف على يوسف مع أن الحادث مصيبة أخويه لأن رزأه كان قاعدة الارزاء عنده وإن تقادم عهده أخذا بمجاميع قلبه لاينساه ولايزول عن فكره أبدا ولم تنسني أوفى المصيبات بعده ولكن نكاح القرح بالقرح أوجع ولا يرد أن هذا مناف لمنصب النبوة إذ يقتضي ذلك معرفة الله تعالى ومن عرفه سبحانه أحبه ومن أحبه لم يتفرغ قلبه لحب ماسواه لما قيل : إن هذه محبة طبيعية ولا تأبى الاجتماع مع حبه تعالى وقال الامام : إن مثل هذه المحبة الشديدة تزيل عن القلب الخواطر ويكون صاحبها كثير الرجوع اليه تعالى كثير الدعاء والتضرع