في البراح بالانصراف اليه أويحكم الله لي بالخروج منها على وجه لايؤدي إلى نقض الميثاق أو بخلاص أخي بسبب من الأسباب قال في البحر : إنه غيا ذلك بغايتين خاصة وهي اذن أبيه وعامة وهي حكم الله تعالى له وكأنه بعد أن غيا بالأولى رجع وفوض الامر الى من له الحكم جل شأنه وأراد حكمه سبحانه بما يكون عذرا له ولو الموت والظاهر أن أحب الغايتين اليه الأولى فلذا اقدم لي فيها وأخره في الثانية فليفهم وهو خير الحاكمين .
8 .
- إذ لا يحكم سبحانه إلا بالحق والعدل .
ارجعوا إلى أبيكم فقولوا له ياأبانا إن ابنك سرق الظاهر أن هذا القول من تتمة كلام كبيرهم وقيل : هو من كلام يوسف عليه السلام وفيه بعد كما أن الظاهر أنهم أرادوا أنه سرق في نفس الأمر .
وما شهدنا عليه إلا بما علمنا من سرقته وتبقيناه حيث استخرج صواع الملك من رحله .
وما كنا للغيب حفظين .
18 .
- وما علمنا أنه سيسرق حين أعطيناك الميثاق أو ماعلمنا أنك ستصاب به كما أصبت بيوسف وقرأ الضحاك سارق باسم الفاعل .
وقرأ ابن عباس وأبو رزين والكسائي في رواية سرق بتشديد الراء مبنيا للمفعول أي نسب إلى السرقة فمعنى وما شهدنا الخ وما شهدنا إلا بقدر ما علمنا من التسريق وما كنا للأمر الخفي بحافظين أسرق بالصحة أم دس الصواع في رحله ولم يشعر واستحسنت هذه القراءة لما فيها من التنزيه كذا قالوا والظاهر أن القول باستفادة اليقين من استخراج الصواع من رحله مما لايصح فكيف يوجب اليقين واحتمال أنه دس فيه من غير شعور قائم جعل مجرد وجود الشيء في يد المدعى عليه بعد إنكاره وجبا للسرق في شرعهم أولا قيل : فالوجه أن الظن البين قائم مقام العلم ألا ترى أن الشهادة تجوز بناء على الاستصحاب ويسمى علما كقوله تعالى : فان علمتموهن مؤمنات وانما جزموا بذلك لبعد الاحتمالات المعارضة عندهم وإذ جعل الحكم بالسرقة وكذا علمهم أيضا مبنيا على ما شاهدوا من ظاهر الأمر اتحدت القراءتان ويفسر وما كنا الخ بما فسر به على القراءة الأخيرة وقيل : معنى ماشهدنا الخ ما كانت شهادتنا في عمرنا على شيء إلا بما علمنا وليست هذه شهادة منا إنما هي خبر عن صنيع ابنك بزعمهم وما كنا الخ كما هو وهو ذهاب أيضا إلى أنهم غير جازمين وفي الكشف الذي يشهد له الذوق انهم كانوا جازمين وقولهم : إن يسرق فقد سرق تمهيد بين وادعاء العلم لايلزم العلم فان كان لبعد الاحتمالات المعارضة فلا يكون كذبا محرما وإلا فغايته الكذب في دعوى العلم وليس بأول كذباتهم وكان قبل أن تنبؤا ولهذا خونهم الأب في هذه أيضا على أن قولهم : جزاؤه من وجد في رحله مؤكدا ذلك التأكيد يدل على أنهم جعلوا الوجدان في الرحل قاطعا وإلا كان عليهم أن يقولوا : جزاؤه من وجد في رحله متعديا أو سارقا ونحوه فان يحتمل عنهم الحزم هنالك فلم لا يحتمل ههنا اه وفيه مخالفة لبعض مانحن عليه وكذا لما ذكرناه في تفسير جزاؤه الخ ولعل الأمر في هذا هين : ومن غريب التفسير أن معنى قولهم : للغيب لليل وهو بهذا المعنى في لغة حمير وكأنهم قالوا : وماشهدنا إلا بما علمنا من ظاهر حاله وما كنا لليل حافظين أي لاندري مايقع فيه فلعله سرق فيه أو دلس عليه وأنا لاأدري ما الداعي إلى هذا التفسير المظلم مع تبلج صبح المعنى المشهور وأياما كان