السلام بوحي من الله تعالى لما علم سبحانه في ذلك من الصلاح ولما أراد من محنتهم بذلك ويؤيده قوله سبحانه : وكذلك كدنا ليوسف وقرأ اليماني إنكم سارقون بلا لام قالوا أي الاخوة وأقبلوا عليهم أي على طالبي السقاية المفهوم من الكلام أو على المؤذن إن كان أريد منه جمع كأنه عليه السلام جعل مؤذنين ينادون بذلك على مافي البحر والجملة في موضع الحال من ضمير قالوا جيء بها للدلالة على انزعاجهم مما سمعوه لمباينته لحالهم أي قالوا مقبلين عليهم ماذا تفقدون .
17 .
- أي أي شيء تفقدون أوما الذي تفقدونه والفقد كما قال الراغب : عدم الشيء بعد وجوده فهو أخص من العدم فانه يقال له ولما لم يوجد أصلا وقيل : هو عدم الشيء بأن يضل عنك لا بفعلك وحاصل المعنى ما ضاع منكم وصيغة المستقبل لاستحضار الصورة .
وقرأ السلمي تفقدون بضم التاء من أفقدته إذا وجدته فقيدا نحو أحمدته إذا وجدته محمودا وضعف أبو حاتم هذه القراءة ووجهها ما ذكر وعلى القراءتين فالعدول عما يقتضيه الظاهر من قولهم : ماذا سرق منكم على ما قيل لبيان كمال نزاهتهم باظهار أنه لم يسرق منهم شيء فضلا عن أن يكونوا هم السارقين له وإنما الممكن أن يضيع منهم شيء فيسألونهم ماذا وفيه إرشاد لهم إلى مراعاة حسن الأدب والاحتراز عن المجازفة ونسبة البراء إلى ما لا خير فيه لاسيما بطريق التأكيد فلذلك غيروا كلامهم حيث قالوا في جوابهم : قالوا نفقد صواع الملك ولم يقولوا سرقتموه أو سرق وقيل : كان الظاهر أن يبادروا بالانكار ونفي أن يكونوا سارقين ولكنهم قالوا ذلك طلبا لاكمال الدعوى إذ يجوز أن يكون فيها ما تبطل به فلا تحتاج إلى خصام وعدلوا عن ماذا سرق منكم إلى ما في النظم الجليل لما ذكر آنفا والصواع بوزن غراب المكيال وهو السقاية ولم يعبر بها مبالغة في الافهام والافصاح ولذا أعاد الفعل وصيغة المستقبل لما تقدم أو للمشاكلة .
وقرأ الحسن وأبو حيوة وابن جبير فيما نقل ابن عطية كما قرأ الجمهور إلا أنهم كسروا الصاد وقرأ أبو هريرة ومجاهد صاع بغير واو على وزن فعل فالألف فيه بدل من الواو المفتوحة وقرأ أبو رجاء صوع بوزن قوس .
وقرأ عبدالله بن عون بن أبي أرطبان صوع بضم الصاد وكلها لغات في الصاع وهو مما يذكر ويؤنث وأبو عبيدة لم يحفظ التأنيث وقرأ الحسن وابن جبير فيما نقل عنهما صاحب اللوامح صواغ بالغين المعجمة على وزن غراب أيضا وقرأ يحيى بن يعمر كذلك إلا أنه حذف الألف وسكن الواو وقرأ زيد بن علي صوغ على أنه مصدر من صاغ يصوغ أريد به المفعول وكذا يراد من صواغ وصوغ في القراءتين أي نفقد مصوغ الملك ولمن جاء به أي أتى به مطلقا ولو من عند نفسه وقيل : من دل على سارقه وفضحه حمل بعير أي من الطعام جعلا له والحمل على ما في مجمع البيان بالكسر لما انفصل وبالفتح لما اتصل وكأنه أشار إلى ماذكره الراغب من أن الحمل بالفتح يقال في الاثقال المحمولة في الباطن كالولد في الباطن كالولد في البطن والماء في السحاب والثمرة في الشجرة وأنا به زعيم .
27 .
- أي كفيل أؤديه اليه وهو قول المؤذن .
واستدل بذلك كما في الهداية وشروحها على جواز تعليق الكفالة بالشروط لأن مناديه علق الالتزام