ردت بكسر الراء وذلك أنه نقلت حركة الدال المدغمة إلى الراء بعد توهم خلوها من الضمة وهي لغة لبني ضبة كما نقلت العرب في قيل وبيع وحكى قطرب النقل في الحرف الصحيح غير المدغم نحو ضرب زيد .
قالوا استئناف بياني كأنه قيل : ماذا قالوا حينئذ فقيل : قالوا لأبيهم ولعله كان حاضرا عند الفتح يا أبانا مانبغي إذا فسر البغي بمعنى الطلب كما ذهب اليه جماعة فما يحتمل أن تكون استفهامية منصوبة المحل على أنها مفعول مقدم لنبغي فالمعنى ماذا نطلب وراء ما وصفنا لك من احسان الملك الينا وكرمه الداعي الى امتثال أمره والمراجعة اليه في الحوائج وقد كانوا أخبروه بذلك على ما روى أنهم قالوا له عليه السلام : إنا قدمنا على خير رجل وأنزلنا وأكرمنا كرامة لو كان رجلا من آل يعقوب ما أكرمنا كرامته وقوله تعالى : هذه بضاعتنا ردت الينا جملة مستأنفة موضحة لما دل عليه الانكار من بلوغ اللطف غايته كأنهم قالوا : كيف لا وهذه بضاعتنا ردها الينا تفضلا من حيث لا ندري بعد ما من علينا بما يثقل الكواهل من المنن العظام وهل من مزيد على هذا فنطلبه ومرداهم به أن ذلك كاف في استيجاب الامتثال لأمره والالتجاء اليه في استجلاب المزيد ولم يريدوا أنه كاف مطلقا فينبغي التقاعد عن طلب نظائره وهو ظاهر .
وجملة ردت في موضع الحال من بضاعتنا بتقدير قد عند من يرى وجوبها في أمثال ذلك والعامل معنى الاشارة وجعلها خبر هذه و بضاعتنا بيانا له ليس بشيء وإيثار صيغة البناء للمفعول قيل : للأيذان بكمال الاحسان الناشيء عن كمال الاخفاء المفهوم من كمال غفلتهم عنه بحيث لم يشعروا به ولا بفاعله وقيل : للأيذان بتعين الفاعل وفيه من مدحه أيضا مافيه وقوله تعالى : ونمير أهلنا أي نجلب لهم الميرة وهي بكسر الميم وسكون الياء طعام يمتاره الانسان أي يجلبه من بلد إلى بلد وحاصله نجلب لهم الطعام من عند الملك معطوف على مقدر ينسحب عليه رد البضاعة أي فنستظهر بها ونمير أهلنا ونحفظ أخانا من المكاره حسبما وعدنا وتفرعه على ماتقدم باعتبار دلالته على إحسان الملك فانه مما يعين على الحفظ ونزداد أي بواسطته ولذلك وسط الاخبار به بين الأصل والمزيد كيل بعير أي وسق بعير زائدا على أوساق أباعرنا على قضية التقسيط المعهود من الملك والبعير في المشهور مقابل الناقة وقد يطلق عليها وتكسر في لغة باؤه ويجمع على أبعرة وبعران وأباعر وعن مجاهد تفسيره هنا بالحمار وذكر أن بعض العرب يقول للحمار بعير وهو شاذ .
وقوله تعالى ذلك كيل أي مكيل يسير .
56 .
- أي قليل لايقوم بأودنا يحتمل أن يكون اشارة الى ما كيل لهم أولا والجملة استئناف جيء بها للجواب عما عسى أن يقال لهم : قد صدقتم فيما قلتم ولكن ما الحاجة إلى التزام ذلك وقد جئتم بالطعام فكأنهم قالوا : أن ما جئنا به غير كاف لنا فلابد من الرجوع مرة أخرى وأخذ مثل ذلك مع زيادة ولا يكون ذلك بدون استصحاب أخينا ويحتمل أن يكون إشارة إلى ماتحمله أباعرهم والجملة استئناف وقع تعليلا لما سبق من الأزدياد كأنه قيل : أي حاجة الى الأزياد فقيل : إن ماتحمله أباعرنا قليل لايكفينا وقيل : المعنى ان ذلك الكيل الزائد قليل لايضايقنا فيه الملك أوسهل عليه لا يتعاظمه وكأن الجملة على هذا استئناف جيء به لدفع ما يقال : لعل الملك لايعطيكم فوق العشرة شيئا