به جعل يقبله فيقول : ما أرى به أثر ناب ولا ظفر إن هذا السبع رحيم وفي رواية أنه أخذ القميص وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال : تالله ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا أكل إبني ولم يمرق عليه قميصه وجاء أنه بكى وصاح وخر مغشيا عليه فأفاضوا عليه الماء فلم يتحرك ونادوه فلك يجب ووضع يهوذا يده على مخارج نفسه فلم يحس بنفس ولا تحرك له عرق فقال : ويل لنا من ديان يوم الدين ضيعنا أخانا وقتلنا أبانا فلم يفق إلا ببرد السحر قال بل سولت لكم أنفسكم أي زينت وسهلت أمرا من الأمور منكرا لا يوصف ولا يعرف وأصل التسويل تقدير شيء في النفس مع الطمع في إتمامه .
وقال الراغب : هو تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح بصورة الحسن .
وقال الأزهري : كأن التسويل تفعيل من سوال الإنسان وهو أمنيته التي يطلبها فتزين لطالبها الباطل وغيره وأصله مهموز وقيل : من السول بفتحتين وهو إاسترخاء في العصب ونحوه كأن المسول لمزيد حرصه استرخى عصبه وفي الكلام حذف على ما في البحر أي لم يأكله الذئب بل سولت الخ وعلمه عليه السلام بكذبهم قيل : حصل من سلامة القميص عن التمزيق وهي إحدى ثلاث آيات في القميص : ثانيتها عود يعقوب بصيرا بإلقائه على وجهه وثالثتها قده من دبر فإنه كان دليلا على براءة يوسف وينضم إلى ذلك وقوفه بالرؤيا الدالة على بلوغه مرتبة علياء تنحط عنها الكواكب وقيل : من تناقضهم فإنه يروى أنه عليه السلام لما قال : ما تقدم عن قتادة قال بعضهم : بل قتله اللصوص فقال : كيف قتلوه وتركوا قميصه وهم إلى قميصه أحوج منهم إلى قتله ! ولعله مع هذا العلم إنما حزن عليه السلام لما خشي عليه من المكروه والشدائد غير الموت وقيل : إنما حزن لفراقه وفراق الأحبة مما لا يطاق ولذلك قيل : لو لا مفارقة الأحباب ما وجدت لها المنايا إلى أرواحنا سبلا ولا بأس بأن يقال : إنه أحزنه فراقه وخوف أن يناله مكروه فصبر جميل أي فأمري صبر جميل أو فصبري صبر جميل كما قال قطرب أو فالذي أفعله ذلك كما قال الخليل أو فهو صبر الخ كما قال الفراء وصبر في كل ذلك خبر مبتدأ محذوف أو فصبر جميل أمثل وأجمل على أنه مبتدأ خبره محذوف وهل الحذف في مثل ذلك واجب أو جائز فيه خلاف وكذا اختلفوا فيما إذا صح في كلام واحد اعتبار حذف المبتدأ وإبقاء الخبر واعتبار العكس هل الإعتبار الأول أولى أم الثاني .
وقرأ أبي والأشهب وعيسى بن عمر فصبرا جميلا 6 بنصبهما وكذا في مصحف أنس بن مالك وروي ذلك عن الكسائي وخرج على أن التقدير فاصبر صبرا على أن اصبر مضارع مسند لضمير المتكلم وتعقب بأنه لا يحسن النصب في مثل ذلك إلا مع الأمر والتزم بعضهم تقديره هنا بأن يكون عليه السلام قد رجع إلى مخاطبة نفسه فقال : صبرا جميلا على معنى فاصبري يا نفس صبرا جميلا والصبر الجميل على ما روى الحسن عنه صلى الله تعالى عليه وسلم ما لا شكوى فيه أي إلى الخلق وإلا فقد قال يعقوب عليه السلام : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وقيل : إنه عليه السلام سقط حاجباه على عينيه فكان برفعهما بعصابة فسئل عن سبب ذلك فقال : طول الزمان وكثرة الأحزان فأوحى الله تعالى إليه أتشكوا إلى غيري فقال يارب خطيئة فاغفرها .
وقيل : المراد من قوله : فصبر جميل أنى أتجعل لكم في صبري فلا أعاشركم على كآبة الوجه وعبوس