به ليخلصوا من العقوق على ما قيل ويحتمل أن يراد الصلاح الدنيوي أي صالحين في أمر دنياكم فإنه ينتظم لكم بعده بخلو وجه أبيكم وإيثار الخطاب في لكم وما بعده للمبالغة في حملهم على القبول فإن إعتناء المرء بشأن نفسه واهتمامه بتحصيل منافعه أتم وأكمل قال قائل منهم وهو يهوذا وكان رأيه فيه أهون شرا من رأي غيره وهو القائل : فلن أبرح الأرض إلخ قاله السدي .
وقال قتادة وابن إسحاق : هو روبيل وعن مجاهد أنه شمعون وقيل : دان وقال بعضهم : إن أحد هذين هو القائل : اقتلوا يوسف إلخ وأما القائل لا تقتلوا يوسف فغيره ولعل الأصح أنه يهوذا .
قيل : وإنما لم يذكر أحد منهم باسمه سترا على المسيء وكل منهم لم يخل عن الإساءة وإن تفاوتت مراتبها والقول بأنه على هذا لا ينبغي لأحد أن يعين أحدا منهم باسمه تأسيسا بالكتاب ليس بشيء لأن ذلك مقام تفسير وهو فيه أمر مطلوب والجملة مستأنفة إستئنافا بيانيا كأن سائلا سأل إتفقوا على ما عرض عليهم من خصلتي الصنيع أم خالفهم في ذلك أحد فقيل : قال قائل منهم : لا تقتلوا إلخ والإتيان بيوسف دون ضميره لإستجلاب شفقتهم عليه واستعظام قتله وهو هو فإنه يروى أنه قال لهم : القتل عظيم ولم يصرح بنهيهم عن الخصلة الأخرى وأحاله على أولوية ما عرضه عليهم بقوله : وألقوه في غيابت الجب أي في قعره وغوره سمي به لغيبته عن عين الناظر ومنه قيل للقبر : غيابة قال المنخل السعدي : إذا أنا يوما غيبتني غيابتي فسيروا بسيري في العشيرة والأهل وقال الهروي : الغيابة في الجب شبه كهف أو طاق في البئر فوق الماء يغيب ما فيه عن العيون والجب الركية التي لم تطو فإذا طويت فهي بئر قال الأعشى : لئن كنت في جب ثمانين قامة ورقيت أسباب السماء بسلم ويجمع على جيب وجباب وأجباب وسمي جبا لأنه جب من الأرض أي قطع وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى الكلام في تأنيثه وتذكيره .
وقرأ نافع في غيابات في الموضعين كأن لتلك الجب غيابات ففيه إشارة إلى سعتها أو أراد بالجب الجنس أي في بعض غيابات الجب وقرأ ابن هرمز غيابات بتشديد الياء التحتية وهو صيغة مبالغة ووزنه على ما نقل صاحب اللوامح يجوز أن يكون فعالات كحمامات ويجوز أن يكون فيعالات كشيطانات في جمع شيطانة وقرأ الحسن غيبة بفتحات علىأنه في الأصل مصدر كالغلبة ويحتمل أن يكون جمع غائب كصانع وصنعة وفي حرف أبي رضي الله تعالى عنه غيبة بسكون الياء التحتية على أنه مصدر أريد به الغائب .
يلتقطه أي يأخذه على وجه الصيانة عن الضياع والتلف فإن الإلتقاط أخذ شيء مشرف على الضياع كذا قيل وفي مجمع البيان هو أن يجد الشيء ويأخذه من غير أن يحسبه ومنه قوله .
ومنهل وردته إلتقاطا .
بعض السيارة أي بعض جماعة تسير في الأرض وأل في السيارة كما في الجب وما فيهما وفي البعض من الإبهام لتحقيق ما يتوخاه من ترويج كلامه بموافقته لغرضهم الذي هو تنأئي يوسف عليه السلام عنهم بحيث لا يدري أثره ولا يروي خبره وقرأ الحسن تلتقطه على التأنيث بإعتبار المعنى كما في قوله : إذا بعض السنين تعرفتنا مفي الأيتام فقد أبى اليتيم