إلا الله سبحانه كانوا قبل الخليل عليه السلام وفي زمانه وكان عرب الحجاز من ذريته وأما عرب اليمن وهم حمير فالمشهور كما قال ابن ماكولا : إنهم من قحطان واسمه مهزم وهو ابن هود وقيل : أخوه وقيل : من ذريته وقيل : قحطان هو هود وحكى ابن إسحاق وغيره أنه من ذرية إسماعيل والجمهور على أن العرب القحطانية من عرب اليمن وغيرهم ليسوا من ذريته عليه السلام وأن اللغة العربية مطلقا كانت قبله وهي إحدى اللغات التي علمها آدم عليه السلام وكان يتكلم بها وبغيرها أيضا وكثر تكلمه فيما قيل : بالسريانية وادعى بعضهم أنها أول اللغات وأن كل لغة سواها حدثت بعدها إما توقيفا أو إصلاحا واستدلوا على أسبقيتها وجودا بأن القرآن كلام الله تعالى وهو عربي وفيه ما فيه وهي أفضل اللغات حتى حكى شيخ الإسلام ابن تيمية عن الإمام أبي يوسف عليه الرحمة كراهة التكلم بغيرها لمن يحسنها من غير حاجة وبعدها في الفضل على ما قيل : الفارسية الدرية حتى روي عن الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه جواز قراءة القرآن بها سواء في ذلك ما كان ثناءا كالإخلاص وغيره وسواء كانت عن عجز عن العربية أم لا وروي عن صاحبيه جواز القراءة في الصلاة بغير العربية لمن لا يحسنها و في النهاية والدراية أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب فكانوا يقرأون ما كتب في الصلاة حتى لانت ألسنتهم .
وقد عرض ذلك على النبي E ولم ينكر عليه نعم الصحيح أن الإمام رجع عن ذلك وفي النفحة القدسية في أحكام قراءة القرآن وكتابه بالفارسية للشرنبلالي ما ملخصه : حرمة كتابة القرآن بالفارسية إلا أن يكتبه بالعربية ويكتب تفسير كل حرف وترجمته وحرمة مسه لغير الطاهر إتفاقا كقراءة وعدم صحة الصلاة بافتتاحها بالفارسية وعدم صحتها بالقراءة بها إذا كانت ثناءا واقتصاره عليها مع القدرة على العربية وعدم الفساد بما هو ذكر فسادها بما ليس ذكرا بمجرد قراءته ولا يخرج عن كونه أميا وهو يعلم الفارسية فقط وتصح الصلاة بدون قراءة للعجز عن العربية على الصحيح عند الإمام وصاحبيه وأطال الكلام في ذلك وفي معراج الدراية من تعمد قراءة القرآن أو كتابه بالفارسية فهو مجنون أو زنديق والمجنون يداوي والزنديق يقتل وروي ذلك عن أبي بكر محمد بن الفضل البخاري ومع هذا لا ينكر فضل الفارسية ففي الحديث لسان أهل الجنة العربي والفارسي الدري وقد إشتهر ذلك لكن ذكر الذهبي في تاريخه عن سفيان أنه قال : بلغنا أن الناس يتكلمون يوم القيامة بالسريانية فإذا دخلوا الجنة تكلموا بالعربية .
وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي وآخرون عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : أحبوا العرب لثلاث لأني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي .
وأخرج أبو الشيخ وابن مردوية عن أبي هريرة ما يعضده ولا يخفى على الخبير بمزايا الكلام أن في الكلام العربي من لطائف المعاني ودقائق الأسرار ما لا يستقل بأدائه لسان ويليه في ذلك الكلام الفارسي فإن كان هذا مدار الفضل فلا ينبغي أن يتنازع إثنان في أفضلية العربي ثم الفارسي مما وصل إلينا من اللغات وإن كان شيئا آخر فالظاهر وجوده في العربي الذي إختاره سبحانه إنزال القرآن به لا غير وقد قسم لنبينا