ثم عن سائر المعاصي فالوجه كما قال : حمل الظلم على مطلق الفساد الشامل لسائر القبائح والآثام وحمل الإصلاح على إصلاحه والإقلاع عنه بكون البعض متصديا للنهي والبعض الآخر متوجها إلى الإتعاظ غير مصر على ما هو عليه من الشرك وغيره من أنواع الفساد إنتهى لكن أخرج الطبراني وابن مردويه وأبو الشيخ والديلمي عن جرير قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يسئل عن تفسير هذه الآية وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون فقال E : وأهلها ينصف بعضه 4 م بعضا وأخرجه ابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق عن جرير موقوفا وهو ظاهر في المعنى الذي نقله الطبري ولعله لم يثبت عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وإلا فالأمر مشكل وجعل التصدي للنهي من بعض والإتعاض من بعض آخر من إنصاف البعض البعض كما ترى فافهم ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة مجتمعين على الدين الحق بحيث لا يقع من أحد منهم كفر لكنه لم يشأ سبحانه ذلك فلم يكونوا مجتمعين على الدين الحق ونظير ذلك قوله سبحانه : ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها وروي هذا عن ابن عباس وقتادة وروي عن الضحاك أن المراد لو شاء لجمعهم على هدى أو ضلالة ولا يزالون مختلفين .
118 .
- بعضهم على الحق وبعضهم علىالباطل .
أخرج ذلك ابن أبي حاتم عن ابن عباس ولعل المراد الإختلاف في الحق والباطل من العقائد التي هي أصول الدين بقرينة المقام وقيل : المراد ما يشمل الإختلاف في العقائد والفروع وغيرهما من أمور الدين لعدم ما يدل على الخصوص في النظم فالإستثناء في قوله سبحانه : إلا من رحم ربك متصل على الأول وهو الذي إختاره أبو حيان وجماعة وعلى الثاني منقطع حيث لم يخرج من رحمة الله تعالى من المختلفين كأئمة أهل الحق فإنهم أيضا مختلفون فيما سوى أصول الدين من الفروع وإلى هذا ذهب الحوفي ومن تبعه .
ولذلك خلقهم أي الناس والإشارة كما روي عن الحسن وعطاء إلى المصدر المفهوم من مختلفين ونظيره .
إذا نهى السفيه جرى إليه .
كأنه قيل : وللإختلاف خلق الناس على معنى لثمرة الإختلاف من كون فريق في الجنة وفريق في السعير خلقهم واللام لام العاقبة والصيرورة لأن حكمة خلقهم ليس هذا لقوله سبحانه : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ولأنه لو خلقهم له لم يعذبهم على إرتكاب الباطل كذا قال غير واحد وروي عن الإمام مالك ما يقتضيه وعندي أنه لا ضير في الحمل على الظاهر ولا منافاة بين هذه الآية والآية التي ذكروها لما ستعلمه إن شاء الله تعالى من تفسيرها في الذاريات وما يروى فيها من الآثار وأن الخلق من توابع الإرادة التابعة للعلم التابع للمعلوم في نفسه والتعذيب أو الإثابة ليس إلا لأمر أفيض على المعذب والمثاب بحسب الإستعداد الأصلي وربما يرجح هذا بالآخرة إلى أن التعذيب والإثابة من توابع ذلك الإستعداد الذي عليه المعذب أو المثاب في نفسه ومن هنا قالوا : إن المعصية والطاعة أمارتان على الشقاوة والسعادة لا مقتضيتان لهما وبذلك يندفع قولهم : ولأنه لو خلقهم له لم يعذبهم ولما قررناه شواهد كثيرة من الكتاب والسنة لا تخفى على المستعدين لإدراك الحقائق وقيل : ضمير خلقهم لمن بإعتبار معناه والإشارة للرحمة المفهومة من رحم والتذكير لتأويلها بأن والفعل أو لكونها بمعنى الخير وروي ذلك عن مجاهد وقتادة وروي عن ابن عباس أن الضمير للناس والإشارة للرحمة والإختلاف أي لإختلاف الجميع ورحمة بعضهم خلقهم وجاءت الإشارة لإثنين كما في قوله تعالى : عوان بين ذلك واللام على هذا قيل : بمعنى