في موضع الخبر لأن والجملة القسمية وجوابها صلة أو صفة أيضا لكن لما والمعنى وإن كلا لمن الذين أو لمن خلق والله ليوفينهم ربك قال في البحر : وهذان الوجهان ضعيفان جدا ولم يعهد حذف نون من وكذا حذف نون من الجارة إلا في الشعر إذا لقيت لام التعريف أو شبهها غير المدغمة نحو قولهم : ملمال يريدون من المال وفي تفسير القاضي وغيره إن الأصل لمن ما بمن الجارة قلبت النون ميما فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت أولاهن وفيه أيضا ما فيه ففي المعنى إن حذف هذه الميم إستثقالا لم يثبت إنتهى وقال الديماميني : كيف يستقيم تعليل الحذف بالإستثقال وقد إجتمعت في قوله تعالى : على أمم ممن معك ثماني ميمات إنتهى وأنشد الفراء على ما ذهب إليه قول الشاعر : وإني لما أصدر وجهه إذا هو أعيا بالسبيل مصادره وزعم بعضهم أن لما بمعنى حين وفي الكلام حذف أي لما عملوا ما عملوا أو نحو ذلك والحذف في الكلام كثير نحو قوله : إذا قلت : سيروا إن ليلى لعلها جرى دون ليلى مائل القرن أغضب أراد لعلها تلقاني أو تصلني أو نحو ذلك وهو كما ترى وقال أبو حيان بعد أن ذكر أن هذه التخريجات مما تنزه ساحة التنزيل على مثلها : كنت قد ظهر لي وجه جار على قواعد العربية من التكلف وهو أن لما هذه هي الجازمة حذف فعلها المجزوم لدلالة المعنى عليه كما حذفوه في قولهم : قاربت المدينة ولما يريدون ولما أدخلها والتقدير هنا وإن كلا لما ينقص من جزاء عمله ويدل عليه ليوفينهم ربك أعمالهم وكنت أعتقد أني ما سبقت إلى ذلك حتى تحققت أن ابن الحاجب وفق لذلك فرأيت في كتاب التحرير نقلا عنه أنه قال : لما هذه هي الجازمة حذف فعلها للدلالة عليه وقد ثبت الحذف في قولهم : خرجت ولما وسافرت ولما ونحوه وهو سائغ فصيح فيكون التدير لما يتركوا أو لما يهملوا ويدل عليه تفصيل المجموعين ومجازاتهم ثم قال : وما أعرف وجها أشبه من هذا وإن كانت النفوس تستعبده من جهة أن مثله لم يقع في القرآن إنتهى ولا يخفى عليك أن الأولى أن يقدر لما يوفوا أعمالهم أي إلى الآن لم يوفوها وسيوفونها وإلى ذلك ذهب ابن هشام لما يلزم على التقديرات السابقة على ما هو المشهور في معنى لما أنهم سينقصون من جزاء أعمالهم وأنهم سيتركون ويهملون وذلك بمعزل عن أن يراد وهو ظاهر وهذا وجه النظر الذي عناه ابن هشام في قوله معترضا على ابن الحاجب : وفي هذا التقدير نظر .
وقال الجلبي : وجهه أن الدال على المحذوف سابق عليه بكثير مع أن المحذوف ليس من لفظ هذا الذي قيل : إنه دال عليه وليس بذاك ثم المرجح عند كثير من المفسرين ما ذهب إليه الفراء وقرأ نافع وابن كثير أن ولما بالتخفيف وخرجت هذه القراءة على أن أن عاملة وإن خففت إعتبارا للأصل في العمل وهو شبه الفعل ولا يضر زوال الشبه اللفظي وإلى ذلك ذهب البصريون وذكر أبو حيان أن مذهبهم جواز أعمالها إذا خففت لكن على قلة إلا مع المضمر فلا يجوز إلا إن ورد في شعر ونقل عن سيبويه منهم أنه قال : أخبرني الثقة أنه سمع بعض العرب يقول : إن عمرا لمنطلق .
وزعم بعض من النحويين أن المكسورة إذا خففت لا تعمل وتأول الآية بجعل كلا منصوبا بفعل مقدر أي إن أرى كلا مثلا وليس بشيء وجعل هذا في البحر مذهب الكوفيين وفي الإرتشاف إن الكوفيين