ركن شديد والإشارة في قصة شعيب عليه السلام إلى أنه ينبغي لمن كان في حيز أن لا يعصي الله تعالى وللواعظ أن لا يخالف فعله قوله : لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم وأنه لا ينبغي أن يكون شيء عند العبد أعز عليه من الله تعالى إلى غير ذلك والله تعالى الهادي إلى سبيل الرشاد ولقد أرسلنا موسى بأياتنا وهي الآيات التسع العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والنقص من الثمرات والأنفس والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا من مفعول أرسلنا أو نعتا لمصدره المؤكد أي أرسلناه حال كونه ملتبسا بآياتنا أو أرسلناه إرسالا ملتبسا بها .
وسلطان مبين .
96 .
- هو المعجزات الباهرة منها وهو العصا والإفراد بالذكر لإظهار شرفها لكونها أبهرها والمراد بالآيات ما عداها ويجوز أن يراد بهما واحد والعطف بإعتبار التغاير الوصفي أي أرسلناه بالجامع بين كونه آياتنا وكونه سلطانا له على نبوته واضحا في نفسه أو موضحا إياها من أبان لازما بمعنى تبين ومتعديا بمعنى بين وجعل بعضهم الآيات والسلطان شيئا واحدا في نفس الأمر إلا أن في ذلك تجريدا نحو مررت بالرجل الكريم والنسمة المباركة كأنه جرد من الآيات الحجة وجعلها غيرها وعطفت عليها لذلك وجوز أن يكون المراد بالآيات ما سمعت بالسلطان ما بينه عليه السلام في تضاعيف دعوته حين قال له فرعون : من ربكما فما بال القرون الأولى من الحقائق الرائقة والدقائق اللائقة أو هو الغلبة والإستيلاء كما في قوله سبحانه : ونجعل لكما سلطانا وجعله عبارة عن التوراة أو إدراجها في جملة الآيات يرده كما قال أبو حيان قوله D : إلى فرعون وملاءيه فإن نزولها إنما كان بعد مهلك فرعون وقومه قاطبة ليعمل بها بنوا إسرائيل فيما يأتون ويذرون وأما فرعون وقومه فإنما كانوا مأمورين بعبادة رب العالمين وترك العظيمة الشنعاء التي كان يدعيها الطاغية وتقبلها منه فئة الباغية وبإرسال بني إسرائيل من الأسر والقسر ومن هذا يعلم ما في عد النقص من الثمرات والنقص من الأنفس آية واحدة من الآيات التسع وعد إظلال الجبل منها لأن ذلك إنما كان لقبول التوراة حين أباه بنو إسرائيل فهو متأخر أيضا ضرورة ومثل ذلك عد فلق البحر وإظلال الغمام بدلهما لأن هذا الإظلال أيضا متأخر عن مهلك فرعون وقومه .
وأجاب بعض الأفاضل عن الإعتراض على جعل التوراة من الآيات بأن التصحيح ممكن أما أولا فبما صرحوا به من جواز إرجاع الضمير وتعلق الجار ونحوه بالمطلق الذي في ضمن المقيد فقوله سبحانه : إلى فرعون يجوز أن يتعلق بالإرسال المطلق لا المقيد بكونه بالتوراة وأما ثانيا فبأن يقال : إن موسى عليه السلام كما أرسل إلى الفراعنة أرسل إلى بني إسرائيل أيضا فيجب أن يحمل ملأ فرعون على ما يشملهم فيجيء الكلام على التوزيع على معنى أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين وإلى ملائه بالتوراة فيكون لفا ونشرا غير مرتب ويقال نحو هذا تقدير يرعد إظلال الجبل أو الغمام من الآيات وفي مجموعة سري الدين المصري أن هذا السؤال مما أورد الحافظ الطاشكندي على مخدوم الملك فأجاب بأن قوله سبحانه : بآياتنا حال مقدرة أي مقدرين تلبسه أو نصرته بالآيات والسلطان إلى فرعون وملائه فلا يقدح فيه ظهور بعضها بعد هلاك فرعون كالتوراة وانفجار الماء وغير ذلك وبأنه قيل : إن إعطاءه التوراة مجموعا مرتبا مكتوبا في الألواح بعد غرق فرعون