وهذا الذي تشاهدونه بعلي أي زوجي وأصل البعل القائم بالأمر فأطلق على الزوج لأنه يقوم بأمر الزوجة وقال الراغب : هو الذكر من الزوجين وجمعه بعولة نحو فحل وفحولة ولما تصوروا من الرجل إستعلاءا على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها وسمي به شبه كل مستعل على غيره به فسمي باسمه ومن هنا سمي العرب معبودهم الذي يتقربون به إلى الله تعالى بعلا لإعتقادهم ذلك فيه شيخا ابن مائة سنة أو مائة وعشرين وهو من شاخ يشيخ وقد يقال : للأنثى شيخة كما قال .
وتضحك مني شيخة عبشمية .
ويجمع على أشياخ وشيوخ وشيخان ونصبه على الحال عند البصريين والعامل فيه ما في هذا من معنى الإشارة أو التنبيه .
قال الزجاج : ومثل هذه الحال من لطيف النحو وغامضه إذ لا تجوز إلا حيث يعرف الخبر ففي قولك : هذا زيد قائما لا يقال إلا لمن يعرفه فيفيده قيامه ولو لم يكن كذلك لزم أن لا يكون زيدا عند عدم القيام وليس بصحيح فهنا بعلتيه معروفة والمقصود بيان شيخوخته وإلا لزم أن لا يكون بعلها قبل الشيخوخة قاله الطيبي ونظر فيه بأنه إنما يتوجه إذا لم تكن الحال لازمة غير منفكة أما في نحو هذا أبوك عطوفا فلا يلزم المحذور والحال ههنا مبينية هيئة الفاعل أو المفعول لأن العامل فيها ما أشير إليه وبذلك التأويل يتحد عامل الحال وذيها وذهب الكوفيون إلى أن هذا يعمل عمل كان و شيخنا خبره وسموه تقريبا وقرأ ابن مسعود وهو في مصحفه والأعمش شيخ بالرفع على أنه خبر محذوف أي 4 هو شيخ أو خبر بعد خبر وفي البحر إن الكلام على هذا كقولهم : هذا حلو حامض أو هو الخبر و بعلي بدل من إسم الإشارة أو بيان له وجوز أن يكون بعلي الخبر و شيخ تابعا له وكلتا الجملتين وقعت حالا من الضمير في أألد لتقدير ما فيه من الإستبعاد وتعليله أي أألد وكلانا على حالة منافية لذلك وإنما قدمت بيان حالها على بيان حاله عليه السلام لأن مباينة حالها لما ذكر من الولادة أكثر إذ ربما يولد للشيوخ من الشواب أما العجائز داؤهن عقام ولأن البشارة متوجهة إليها صريحا ولأن العكس في البيان ربما يوهم من أول الأمر نسبة المانع عن الولادة إلى جانب إبراهيم عليه السلام وفيه ما لا يخفى من المحذور واقتصارها في الإستبعاد على ولادتها من غير تعرض لحال النافلة لأنها المستبعدة وأما ولادة ولدها فلا يتعلق بها قاله شيخ الإسلام إن هذا أي ما ذكر من حصول الولد من هرمين مثلنا وقيل : هو إشارة إلى الولادة أو البشارة بها والتذكير لأن المصدر في تأويل إن مع الفعل ولعل المآل أن هذا الفعل لشيء عجيب .
72 .
- أي من سنة الله تعالى المسلوكة في عباده والجملة تعليل بطريق الإستئناف التحقيقي ومقصدها كما قيل : إستعظام نعمة الله تعالى عليها في ضمن الإستعجاب العادي لا إستبعاد ذلك من حيث القدرة قالوا أتعجبين من أمر الله أي قدرته وحكمته أو تكوينه وشأنه سبحانه أنكروا عليها تعجبا لأنها كانت ناشئة في بيت النبوة ومهبط الوحي ومحل الخوارق فكان حقها أن تتوقر ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء من أمثال هذه الخوارق من ألطاف الله سبحانه الخفية ولطائف صنعه الفائضة على كل أحد ممن يتعلق بإفاضته على مشيئته تعالى الأزلية لا سيما أهل بيت النبوة الذين هم هم وأن تسبح الله تعالى وتمجده وتحمده وإلى ذلك أشاروا بقوله تعالى : رحمت الله المستتبعة كل خير