سبحانه داع إلى الإستغفار والتوبة وقوله : إن ربي قريب أي قريب الرحمة لقوله سبحانه : إن رحمة الله قريب من المحسنين والقرآن يفسر بعضه بعضا مجيب .
61 .
- لمن دعاه وسأله زيادة في بيان ما يوجب ذلك والأول علة باعثة وهذا علة غائية وما ألطف التقديم والتأخير وصرح بعضهم أن قريب ناظر لتوبوا و مجيب لاستغفروا كأنه قيل : ارجعوا إلى الله تعالى فإنه سبحانه قريب منكم أقرب من حبل الوريد واسألوه المغفرة فإنه جلا وعلا مجيب السائلين ولا يخلو عن حسن قالوا يا صالح قد كنت فينا أي فيما بيننا مرجوا فاضلا خيرا نقدمك على جميعنا على ما روي عن ابن عباس .
وقال ابن عطية مشورا نأمل منك أن تكون سيدا سادا مسد الأكابر وقال كعب : كانوا يرجونه للملك بعد ملكهم لأنه كان ذا حسب وثروة .
وقال مقاتل : كانوا يرجون رجوعه إلى دينهم إذ كان يبغض أصنامهم ويعدل عن دينهم قبل هذا أي الذي باشرته من الدعوة إلى التوحيد وترك عبادة الآلهة فلما سمعنا منك ما سمعناه إنقطع عنك رجاؤنا وقيل : كانوا يرجون دخوله في دينهم بعد دعواه إلى الحق ثم إنقطع رجاؤهم فقبل هذا قبل هذا الوقت لا قبل الذي باشره من الدعوة وحكى النقاش عن بعضهم أن مرجوا بمعنى حقيرا وكأنه فسره أولا بمؤخرا غير معتني به ولا مهتم بشأنه ثم أراد منه ذلك وإلا فمرجوا بمعنى حقير لم يأت في كلام العرب وجاء قولهم : أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا على جهة التوعد والإستبشاع لتلك المقالة منه والتعبير بيعبد لحكاية الحال الماضية وقرأ طلحة مرجوا بالمد والهمز وإننا لفي شك مما تدعونا إليه من التوحيد وترك عبادة الآلهة وغير ذلك من الإستغفار والتوبة مريب .
62 .
- إسم فاعل من أرابه المتعدي بنفسه إذا أوقعه في الريبة وهي قلق وإنتفاء الطمأنية باليقين أو من أراب الرجل اللازم إذا كان ذا ريبة والإسناد على الوجهين مجازي إلا أن بينهما كما قال بعض المحققين فرقا وهو أن الأول منقول من الأعيان إلى المعنى والثاني منقول من صاحب الشك إلى الشك كما تقول : شعر شاعر فعلى الأول هو من باب الإسناد إلى السبب لأن وجود الشك سبب لتشكيك المشكك ولولاه لما قدر على التشكيك والتنوين في مريب وفي شك للتفخيم وإنما بثلاث نونات ويقال : إنا بنونين وهما لغتان لقريش .
قال الفراء : من قال : إننا أخرج الحرف على أصله ل 4 أن كناية المتكلمين نا فإجتمعت ثلاث نونات ومن قال : إنا أستثقل إجتماعها فأسقط الثالثة وأبقى الأوليين .
وإختار أبو حيان أن المحذوف النون الثانية لا الثالثة لأن في حذفها إجحافا بالكلمة إذ لا يبقى منها إلا حرف واحد ساكن دون حذف الثانية لظهور بقاء حرفين بعده على أنه قد عهد حذف النون الثانية من إن مع غير ضمير المتكلمين ولم يعهد حذف نون نا ولا ريب في أن إرتكاب المعهود أولى من إرتكاب غير المعهود قال يا قوم أرأيتم أخبروني إن كنت على بينة حجة ظاهرة وبرهان وبصيرة من ربي مالكي ومتولي أموري وآتاني منه من قبله سبحانه رحمة نبوة وهذا من الكلام المصنف والإستدراج