والجار والمجرور متعلق باحمل أو بمحذوف وقع حالا من مفعوله أعني قوله س 4 بحانه : زوجين وهو تثنية زوج والمراد به الواحد المزدوج بآخر من جنسه فالذكر زوج للأنثى كما هي زوج له وقد يطلق على مجموعهما وليس بمراد وإلا لزم أن يحمل من كل صنف أربعة ولئلا يراد ذلك وصف بقوله تعالى : اثنين وحاصل المعنى احمل ذكرا وأنثى من كل نوع من الحيوانات وقرأ الأكثرون من كل زوجين بالإضافة فاثنين على هذا مفعول احمل و من كل زوجين حال منه ولو أخر لكان صفة له أي أحمل إثنين من كل زوجين أي صنف ذكر وصنف أنثى وقيل : من زائدة وما بعدها مفعول إحمل و اثنين نعت لزوجين بناءا على جواز زيادة من في الموجب ثم ما ذكرناه في تفسير العموم هو الذي مال إليه البعض وأدرج فيه أناس الهوام والطير وذكر أنه روي أنه عليه السلام جعل للسفينة ثلاثة بطون وحمل في البطن الأسفل الوحوش والسباع والهوام وفي البطن الأوسط الدواب والأنعام وركب هو ومن معه في البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد وحمل معه جسد آدم عليه السلام وجعل معترضا بين الرجال والنساء وكان حمله بوصية منه عليه السلام وتوارثها ولده حتى وصلت إلى نوح عليه السلام ويعارض هذا التقسيم ما روي أن الطبقة السفلى للوحش والوسطى للطعام والعليا له عليه السلام ولمن آمن وتوسع بعضهم في العموم فأدرج فيه ما ليس من جنس الحيوان وأيد بما أخرجه إسحاق بن بشر وغيره عن علي كرم الله تعالى وجهه مرفوعا أن نوحا عليه السلام حمل معه في السفينة من جميع الشجر وبما أخرجه أبو الشيخ عن جعفر بن محمد رضي الله تعالى عنهما قال : أمر نوح عليه السلام أن يحمل معه من كل زوجين اثنين فحمل من التمر العجوة واللون .
وأخرج النسائي عن أنس بن مالك أن نوحا عليه السلام نازعه الشيطان في عود الكرم فقال : هذا لي وقال نوح : هو لي فآصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها ولا يكاد يعول على مثل هذه الأخبار عند التنقير ومما يحمل معها في سفينة ما أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : تأذى أهل السفينة بالفأر فعطس الأسد فخرج من منخريه سنوران ذكر وأنثى فأكلا الفأر إلا ما أراد الله تعالى أن يبقى منه وتأذوا بأذى أهل السفينة فعطس الفيل فخرج من منخريه خنزيران ذكر وأنثى فأكلا أذى أهل السفينة وفي رواية الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وغيرهما عنه أن نوحا عليه السلام شكا إلى الله تعالى قرض الفأر حبال السفينة فأوحى الله إليه فمسح جبهة الأسد فخرج سنوران وشكا عذرة في السفينة فأوحى إليه سبحانه فمسح ذنب الفيل فخرج خنزيران فأكلا العذرة .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم عن أبيه مرفوعا أن أهل السفينة شكوا الفأرة فقالوا : الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى الله تعالى إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها ولم يذكر فيه بحث الخنزير ويفهم منها على ما فيها أن الهرة لم تكن عند الحمل ومن الأولين أنها والخنزير لم يكونا وفي بعض الآثار ما يخالفه فقد أخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال لما أمر الله تعالى نوحا عليه السلام بالحمل قال : كيف أصنع بالأسد والبقرة وكيف أصنع بالعناق والذئب وكيف أصنع بالحمام والهر فقال الله تعالى : من ألقى بينهما العداوة قال : أنت يا رب قال : فأني أؤلف بينهم حتى لا يتضارون ولا يخفى ما بين هذا وبين التقسيم الأول أيضا وجاء في شأن الأسد روايات مختلفة : ففي رواية أن أصحابه عليه السلام قالوا : كيف نطمئن ومعنا الأسد فسلط الله تعالى عليه الحمى وكانت أول حمى نزلت الأرض