E ويناصبوا معه لمعارضة المعاندين كما كانوا يفعلونه في الجهاد وإرشاد إلى أن ذلك مما يفيد الرسوخ في الإيمان ولذلك رتب على ما ترتب .
والمراد بالعلم المأمور به ما هو في المرتبة العليا التي كأن ما عداها من مراتب العلم ليس بعلم لكن لا للإشعار بانحطاط تلك المراتب بل بارتفاع هذه المرتبة ويعلم من ذلك سر إيراد كلمة الشك مع القطع بعدم الإستجابة فإن تنزيل سائر المراتب منزلة العدم مستتبع لتنزيل الجزم بعدم الإستجابة منزلة الشك ويجوز أن يكون المأمور به الإستمرار على ما هم عليه من العلم ومعنى مسلمون مخلصون في الإسلام أو ثابتون عليه والكلام من باب التثبيت والترقية إلى معارج اليقين وإختار تفسير الآية بذلك الجبائي وغيره وذكر شيخ الإسلام أنه أنسب بما سلف من قوله تعالى : وضائق به صدرك ولما سيأتي إن شاء الله تعالى من قوله سبحانه : فلا تك في مرية منه وأشد بما يعقبه وقد يؤيد أيضا بما أشرنا إليه لكن لا يخفى أن الكلام على التفسير الأول موافق لما قبله لأن ضمير الجمع في الآية المتقدمة للكفار والضمير في هذه ضمير الجمع فليكن لهم أيضا ولأن الكفار أقرب المذكورين فرجوع الضمير إليهم أولى ولأن في التفسير الثاني تأويلات لا يحتاج إليها في الأول .
ومن هنا استظهره أبو حيان واستحسنه الزمخشري ولعل مرجحاته أقوى من مرجحات الأخير عند من تأمل فلذا قدمناه وإن قيل : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك ويكتب فالم في المصحف على ما قال الأجهوري بغير نون وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما نزل بفتح النون والزاي وتشديدها وفي البحر أن ما يحتمل أن تكون مصدرية أي أن التنزيل وأن تكون موصولة بمعنى الذي أي أن الذي نزله وحذف العائد المنصوب في مثل ما ذكر شائع وفاعل نزل ضميره تعالى وجوز بعضهم كون ما موصولة على قراءة الجمهور أيضا ويبعد ذلك بحسب المعروف في مثله أنها موصولة فافهم .
من كان يريد أي بأعماله الصالحة بحسب الظاهر الحياة الدنيا وزينتها أي ما يزينها ويحسنها من الصحة والأمن وكثرة الأموال والأولاد والرياسة وغير ذلك وإدخال كان للدلالة على الإستمرار أي من يريد ذلك بحيث لا يكاد يريد الآخرة أصلا نوف إليهم أعملهم فيها أي نوصل إليهم أجور أعمالهم في الدنيا وافية فالكلام على حذف مضاف وقيل : الأعمال عبارة عن الأجور مجازا وإليه يشير كلام شيخ الإسلام والأول أولى و نوف متضمن معنى نوصل ولذا عدى بإلى وإلا وإلا فهو مما يتعدى بنفسه وقيل : إنه مجاز عن ذلك وقرأ طلحة بن ميمون يوف بالياء وإسناد الفعل إلى الله تعالى وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما يوف بالياء مخففا مضارع أوفي وقريء توف بالتاء مبنيا للمفعول ورفع أعمالهم والفعل في كل ذلك مجزوم على أنه جواب الشرط كما انجزم في قوله سبحانه : من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه وحكى الفراء أن كان زائدة ولذا جزم الجواب وتعقبه أبو حيان بأنه لو كانت زائدة لكان فعل الشرط يريد وكان يكون مجزوما وأجيب بأنه يحتمل أنه أراد بكونها زائدة أنها غير لازمة في المعنى وقرأ الحسن نوفي بالتخفيف وإثبات الياء وذلك إما على لغة من يجزم المنقوص بحذف الحركة المقدرة كما في قوله .
ألم يأتيم والأنباء تنمي .
أو على ما سمع في كلام العرب إذا كان الشرط ماضيا من عدم جزم الجزاء وإما لأن الأداة لما لم تعمل في الشرط القريب ضعفت عن العمل في لفظ الجزاء البعيد فعملت في محله