بطر بالنعمة مغتر بها وأصله فارح إلا أنه حول لما ترى للمبالغة وفي البحر أن فعلا بكسر العين هو قياس اسم الفاعل من فعل اللازم وقريء فرح بضم الراء كما تقول : ندس ونطس وأكثر ما ورد الفرح في القرآن للذم فإذا قصد المدح قيد كقوله سبحانه : فرحين بما آتاهم الله من فضله فخور .
10 .
- متعاظم على الناس بما أوتي من النعم مشغول بذلك عن القيام بحقها واللام في لئن في الآيات الأربع موطئة للقسم وجوابه ساد مسد جواب الشرط كما في قوله : لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها وأمكنني منها إذا لا أقبلها إلا الذين صبروا استثناء من الإنسان وهو متصل إن كانت أل فيه لاستغراق الجنس وهو الذي نقله الطبرسي مخالفا لابن الخازن عن الفراء ومنقطع إن كانت للعهد إشارة إلى الإنسان الكافر مطلقا وعن ابن عباس أن المراد منه كافر معين وهو الوليد بن المغيرة وقيل : هو عبدالله بن أمية المخزومي وذكره الواحدي وحديث الإنقطاع على الروايتين متصل ونسب غير مقيد بهما إلى الزجاج والأخفش وأياما كان فالمراد صبروا على ما أصابهم من الضراء سابقا أو لا حقا إيمانا بالله تعالى واستسلام لقضائه تعالى .
وعملوا الصالحات شكرا على نعمه سبحانه السابقة واللاحقة قال المدقق في الكشف : لما تضمن اليأس عدم الصبر والكفران عدم الشكر كان المستثنى من ذلك ضده ممن اتصف بالصبر والشكر فلما قيل : إلا الذين الخ كان بمنزلة إلا الذين صبروا وشكروا وذلك من صفات المؤمن فكني بهما عنه فلذا فسره الزمخشري بقوله : إلا الذين آمنوا فإن عادتهم إذا أتتهم رحمة أن يشكروا وإذا زالت عنهم نعمة أن يصبروا فلذا حسنت الكناية به عن الإيمان ثم عرض بشيخه الطيبي بقوله : وأما دلالة صبروا على أن العمل الصاح شكر لأنه ورد في الأثر الإيمان نصفان : نصف صبر ونصف شكر ودلالة عملوا على أن الصبر إيمان لأنهما ضميمتان في الأكثر فغير مطابق لما نحن فيه إلا أن يراد وجه آخر كأنه قيل : إلا المؤمن الصالح الصابر الشاكر وهو وجه لكن القول ما قالت حذام لأن الكناية تفيد ذلك مع ما فيها من الحسن والمبالغة أولئك إشارة إلى الوصول باعتبار اتصافه بما حيز الصلة وما فيه من معنى البعد لما مر غير مرة أي أولئك الموصوفون بتلك الصفات الحميدة لهم مغفرة عظيمة لذنوبهم ما كانت وأجر ثواب لأعمالهم الحسنة كبير .
11 .
- وصف بذلك لما احتوى عليه من النعيم السرمدي ورفع التكاليف والأمن من العذاب ورضا الله سبحانه عنهم والنظر إلى وجهه الكريم في جنة عرضها السماوات والأرض ووجه تعلق الآيات الثلاث بما قبلهن على ما في البحر أنه تعالى لما ذكر أن عذاب الكفار وإن تأخر لا بد أن يحيق بهم ذكر ما يدل على كفرهم وكونهم مستحقين العذاب لما جبلوا عليه من الكفر نعماء الله تعالى وما يترتب على إحسانه تعالى إليهم مما لا يليق بهم من البطر والفخر قيل : وهو إشارة إلى أن الوجه تضمن الآيات تعليل الحيق ويبعده وتعليله بما في حيز الصلة قبل واختار بعضهم أنه الإشتراك في الذم فما تضمنه الآيات قبل بيان بعض هنا تهم وما تضمنته هذه بيان بعض آخر .
وقال بعض المحققين : إن وجه التعلق من حيث أن إذاقة النعماء ومساس الضراء فصل من باب الإبتلاء واقع موقع التفصيل من الإجمال في قوله سبحانه : ليبلوكم أيكم أحسن عملا والمعنى أن كلا من إذاقة النعماء ونزعها مع كونه ابتلاء للإنسان أيشكر أم يكفر لا يهتدي إلى سنن الصواب بل يحيد في كلتا الحالتين عنه إلى مهاوي الضلال