الذكر والقول مترادفان فلا معنى للتجوز حينئذ ولما كان القول باقيا في النضمين جاء الخطاب على مقتضاه .
وجوز أن تكون أن بمعنى عل ونقل ذلك عن سيبويه وجاء إئت السوق علك تشتري لحما وأنك تشتري لحما وهي لتوقع المخاطب لكن لا على سبيل الإخبار فإنهم لا يتوقعون البعث بل على سبيل الأمر كأنه قيل : توقعوا بعثكم ولا تبتوا القول بإنكاره وبذلك يندفع ما يقال : إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قاطع بالبعث فكيف يقول لعلكم مبعوثون وأيضا القراءة المشهورة صريحة في القطع والبت وهذه صريحة في خلافه فيتنافيان ومنهم من قال : يجوز أن يكون هذا من الكلام المنصف والإستدراج فربما ينتبهون إذا تفكروا ويقطعون بالبعث إذا نظروا .
وقرأ حمزة والكسائي إلا ساحر والإشارة إلى القائل ولا مبالغة في الإخبار كما كانت على هذا الإحتمال في قراءة الجمهور ويجوز أن تكون للقول أو للقرآن وفيه من المبالغة ما في قولهم : شعر شاعر ولئن أخرنا عنهم العذاب أي المترتب على بعثهم أو الموعود بقوله سبحانه : وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير وقيل : عذاب يوم بدر وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قتل جبريل عليه السلام المستهزئين وهم خمسة نفر أهلكوا قبل بدر والظاهر أن المراد العذاب الشامل للكفرة ويؤيد ذلك ما أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : لما نزل اقترب للناس حسابهم قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا فتناهى القوم قليلا ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء فأنزل الله سبحانه أتى أمر الله فلا تستعجلوه فقال أناس من أهل الضلالة : هذا أمر الله تعالى قد أتى فتناهى القوم ثم عادوا إلى عكرهم عكر السوء فأنزل الله تعالى هذه الآية إلى أمة معدودة أي طائفة من الأيام قليلة لأن ما يحصره العد قليل .
وقيل : المراد من الأمة الجماعة من الناس أي ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى جماعة يتعارفون ولا يكون فيهم مؤمن ونقل هذا عن علي بن عيسى وعن الجبائي أن المعنى إلى أمة بعد هؤلاء نكلفهم فيعصون فتقتضي الحكمة إهلاكهم وإقامة القيامة وروى الإمامية وهم بيت الكذب عن أبي جعفر وأبي عبدالله رضي الله تعالى عنهما أن المراد بالأمة المعدودة أصحاب المهدي في آخر الزمان وهم ثلثمائة وبضعة عشر رجلا كعدة أهل بدر ليقولن ما يحبسه أي أي شيء يمنعه من المجيء فكأنه يريده ويمنعه مانع وكانوا يقولون ذلك بطريق الإستعجال وهو كناية عن الإستهزاء والتكذيب لأنهم لو صدقوا به لم يستعجلوه وليس غرضهم الإعتراف بمجيئه والإستفسار عن حابسه كما يرشد إليه ما بعد .
ألا يوم يأتيهم ذلك العذاب الأخروي أو الدنيوي ليس مصروفا عنهم أي أنه لا يرفعه رافع أبدأ أو لا يدفعه عنهم دافع بل هو واقع بهم والظاهر أن يوم منصوب بمصروفا الواقع خبر ليس واستدل بذلك جمهور البصريين على جواز تقديم خبرها عليها كما يجوز تقديمه على إسمها بلا خلاف معتد به لأن تقديم المعمول يؤذن بتقديم العامل بطريق الأولى وإلا لزم مزية الفرع على أصله وذهب الكوفيون والمبرد إلى عدم الجواز وادعوا أن الآية لا تصلح حجة لأن القاعدة المشار إليها غير مطردة ألا ترى قوله سبحانه : فأما اليتيم فلا تقهر كيف تقدم معمول الفعل مع امتناع تقديمه لأن الفعل لا يلي أما وجاء عن الحجازيين أنهم يقولون ما اليوم زيد ذاهبا مع أنه لا يجوز تقديم خبر ما اتفاقا وأيضا المعمول فيها ظرف والأمر فيه مبني على