أخذه من أحكام البناء نظرا إلى التركب البالغ حد الإعجاز أو منالإحكام جعلها حكيمة أو جعلها ذات حكمة فيفيد معنى المنع من الفساد وللتفصيل أربعة جعلها كالقلائد المفصلة بالفرائد لما فيهامن دلائل التوحيد وأخواتها وجعلها فصولا سورة سورة وآية آية وتفريقها في التنزيل وتفصيل ما يحتاج إليه العباد وبيانه فيها رويهذا عن مجاهد وقال : إن معنى ثم ليس التراخي في الوقت ولكن في الحال كما تقول هي محكمة أحسن الإحكام ثم مفصلة أحسن التفصيل وفلانكريم الأصل ثم كريم الفعل .
والظاهر أنه أراد في جميع الإحتمالات كذلك وفيه أيضا أنه إذا أريد بالإحكام أحد الأولين وبالتفصيل أحد الطرفين فالتراخي رتبي لأن الإحكام بالمعنى الأول راجع إلى اللفظ والتفصيل إلى المعنى وبالمعنى الثاني وإن كان معنويا لكن التفصيل إكمال لما فيه من الإجمال وان أريد أحد الأوسطين فالتراخي على الحقيقة لأن الإحكام بالنظر إلى كل آية في نفسهاوجعلها فصولا بالنظر إلى بعضها مع بعض أو لأن كل آية مشتملة على جملمن الألفاظ المرصفة وهذا تراخ وجودي ولما كان الكلام من السائلات كان زمانيا أيضا ولكن الزمخشري آثر التراخي في الحال مطلقا حملا على التراخي فيالإخبار في هذين الوجهين ليطابق اللفظ الوضع وليظهر وجه العدول من الفاء إلى ثم وإن أريد الثالث وبالتفصيل أحد الطرفين فرتبي وإلافإخباري والأحسن أن يراد بالإحكام الأول وبالتفصيل أحد الطرفين وعليه ينطبق المطابقة بين حكيم و خبير و احكمت و فصلت ثم قال : ومنه ظهر أن التراخي في الحال يشمل التراخي الرتبي والإخباري إنتهى فليتأمل وقريء أحكمت بالبناء للفاعل المتكلم و فصلت بفتحتين مع التخفيف وروي هذا عن ابن كثير والمعنى ثم فرقت بين الحقوالباطل وقيل : فصلت هنا مثلها في قوله تعالى : ولما فصلت العير أي إنفصلت وصدرت من لدن حكيم خبير 1 صفة لكتاب وصف بها بعد ما وصف بإحكام آياته وتفصيلها الدالين على علو مرتبته من حيث الذات إبانةلجلالة شأنه من حيث الإضافة أو خبر ثان للمبتدأ الملفوظ أو المقدر أوهو معمول لأحد الفعلين على التنازع مع تعلقه بهما معنى أي من عنده إحكامها وتفصيلها وإختار هذا في الكشف وفي الكشاف أن فيه طباقا حسنا لأن المعنى أحكمها حكيم وفصلها أي بينها وشرحها خبير عالم بكيفيات الأمور ففي الآية اللف والنشر وأصل الكلام على ما قال الطيبي : أحكم آياته الحكيم وفصلها الخبير ثم عدل عنه إلى أحكمت حكيم وفصلت خبير على حد قوله تعالى : يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال على قراءة البناء للمفعول وقوله : لبيك يريد ضارع لخصومة ومختبط مما تطيح الطوائح ثم إلى ما في النظم الجليل لما في الكناية من الحسن مع إفادة التعظيم البالغ الذي لا يصل إلى كنهه وصف الواصف لا سيما وقد جيء بالإسمين الجليلين منكرين بالتنكير التفخيمي و لدن من الظروف المبنية وهيلأول غاية زمان أو مكان والمراد هنا الأخير مجازا وبنيت لشبهها بالحرف في لزومها إستعمالا واحدا وهي كونها مبدأ غاية وإمتناع الإخباربها وعنها ولا يبنى عليها المبتدأ بخلاف عند و لدي فإنهما لا يلزمان إستعمالا واحدا بل يكونان لإبتداء الغاية وغيرها ويبنى عليهما المبتدأكما في قوله سبحانه : وعنده مفاتح الغيب ولدينا مزيد قيل : ولقوةشبهها بالحرف وخروجها عن نظائرها لا تعرب إذا أضيفت نعم جاء عن قيس إعرابها تشبيها