أمرتك الخير فإفعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نشب وأدخل بعضهم هذه الجملة في الجزاء وليس بمتعين وأن أقم وجهك للدين عطف كما قال غير واحد على أن أكون وإعتراض بأن أن في المعطوف عليه مصدرية بلا كلام لعملها النصب والتي في جانب المعطوف لا يصح أن تكون كذلك لوقوع الأمر بعدها وكذا لا يصح أن تكون مفسرة لعطفها على المصدرية ولأنه يلزم دخول الباء المقدرة عليها والمفسرة لا يدخل عليها ذلك ودفع ذلك بإختيار كونها مصدرية ووقوع الأمر بعدها لا يضر في ذلك فقد نفل عن سيبويه أنه يجوز وصلها به ولا فرق في صلة الموصول الحرفي بين الطلب والخبر لأنه إنما منع في الموصول الإسمي لأنه وضع للتوصل به إلى وصف المعارف بالجمل والجمل الطلبية لا تكون صفة والمقصود من أن هذه يذكر بعدها ما يدل على المصدر الذي تأول به وهو يحصل بكل فعل وكون تأويله يزيل معنى الأمر المقصود منه مدفوع بأنه يؤول كما أشرنا إليه فيما مر بالأمر بالإقامة إذ كما يؤخذ المصدر من المادة قد يؤخذ من الشيغة مع أنه لا حاجة إليه هنا لدلالة قوله تعالى : أمرت عليه وفي الفرائد أنه يجوز أن يقدر وأوحي إلي أن أقم وتعقبه الطيبي بأن هذا سائغ إعرابا إلا أن في ذلك العطف فائدة معنوية وهي أن وأن أقم إلخ كالتفسير لأن أكون إلخ على أسلوب أعجبني زيد وكرمه داخل معه في حكم المأمور فلو قدر ذلك فات غرض التفسير وتكون الجملة مستقلة معطوفة على مثلها وفيه تأمل لجواز أن تكون هذه الجملة مفسرة للجملة المعطوفة هي عليها وقدر أبو حيان ذلك وزعم أن أن حينئذ يجوز أن تكون مصدرية وأن تكون مفسرة لأن في الفعل المقدر معنى القول دون حروفه وأن على دلك يزول قلق العطف ويكون الخطاب في وجهك في محله ورد بأن الجملة المفسرة لا يجوز حذفها وأما صحة وقوع المصدرية فاعلا أو مفعولا فليس بلازم ولا قلق في العطف الذي عناه وأمر الخطاب سهل لأنه لملاحظة المحكى والأمر المذكور معه .
وإقامة الوجه للدين كناية عن توجيه النفس بالكلية إلى عبادته تعالى والإعراض عمن سواه فإن من أراد أن ينظر إلى شيء نظر إستقصاء يقيم وجهه في مقابلته بحيث لا يلتفت يمينا ولا شمالا إذ لو إلتفت بطلت المقابلة والظاهر أن الوجه على هذا على ظاهره ويجوز أن يراد به الذات والمراد أصرف ذاتك وكليتك للدين وإجتهد بأداء الفرائض والإنتهاء عن القبائح قاللام صلة أقم وقيل : الوجه على ظاهره وإقامته توجيهه للقبلة أي إستقبل القبلة ولا تلتفت إلى اليمين أوالشمال فاللام للتعليل وليس بذاك ومثله القول بأن ذلك كناية عن صرف العقل بالكلية إلى طلب الدين حنيفا أي مائلا عن الأديان الباطلة وهو حال إما من الوجه أو من الدين وعلى الأول تكون حالا مؤكدة لأن إقامة الوجه تضمنت التوجه إلى الحق والإعراض عن الباطل وعلى الثاني قيل تكون حالا منتقلة وفيه نظر ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أقم ولا تكونن من المشركين 105 عطف على أقم داخل تحت الأمر وفيه تأكيد له أي لا تكونن منهم إعتقادا ولا عملا ولا تدع من دون الله إستقلالا ولا إشتراكا مالا ينفعك بنفسه إذا دعوته بدفع مكروه أو جلب محبوب ولا يضرك إذا تركته بسلب المحبوب دفعا أو رفعا أو بإيقاع المكروه والجملة قيل معطوفة على جملة النهي قبلها وإختار بعض المحققين عطفها على قوله سبحانه : قل ياأيها الناس فهي غير داخلة