ثعلب عنها فقال : إن مائة نملة وزن حبة والذرة واحدة منها وقيل : الذرة ليس لها وزن ويراد بها ما يرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة في الأرض ولا في السماء أي في جهتي السفل والعلو أو في دائرةالوجود والإمكان لأن العامة لا تعرف سواهما ممكنا ليس فيهما ولا متعلقابهما والكلام شامل لهما أنفسهما أيضا كما لا يخفى وتقديم الأرض على السماء مع أنها قدمت عليها في كثير من المواضع ووقعت أيضا في سبأ فينظير هذه الآية مقدمة لأن الكلام في حال أهلها والمقصود إقامة البرهان على إحاطة علمه سبحانه بتفاصيلها وذكر السماء لئلا يتوهم إختصاص إحاطة علمه جل وعلا بشيء دون شيء وحاصل الإستدلال أنه سبحانه لا يغيبعنه شيء ومن يكون هذا شأنه كيف لا يعلم حال أهل الأرض وما هم عليه مع نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وقوله سبحانه : ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين 61 جملة مستقلة ليست معطوفة على ما قبلها و لا نافية للجنس و أصغر إسمها منصوب لشبهه بالمضاف وكذا أكبر لتقدير عمله وقول السمين : إنهما مبنيان على الفتح ضعيف وهو مذهب البغداديين وزعم أنه سبق قلم متأخر عن حيز القبول و في كتاب متعلق بمحذوف وقعخبرا .
وقرأ حمزة ويعقوب وخلف وسهل بالرفع على الإبتداء والخبر و لا يجوز الغاؤها إذا تكررت وأما قولهم : إن الشبيه بالمضاف يجب نصبه فالمراد منه المنع من البناء لا المنع من الرفع والإلغاء كماتوهمه بعضهم وجوز أن يكون ذلك على جعل لا عاملة عمل ليس وقيل : إن أصغر على القراءة الأولى عطف على مثقال أو ذرة بإعتباراللفظ وجيء بدلا عن الكسر لأنه لا ينصرف للوصف ووزن الفعل وعلى القراءة الأخرى معطوف على مثقال بإعتبار محله لأنه فاعل و من كماعرفت مزيد وإستشكل بأنه يصير التقدير ولا يعزب عنه أصغر من ذلك ولا أكبر منه إلا في كتاب فيعزب عنه ومعناه غير صحيح وأجيب بأن هذا على تقدير إتصال الإستثناء وأما على تقدير إنقطاعه فيصير التقدير لكن لاأصغر ولا أكبر إلا هو في كتاب مبين وهو مؤكد لقوله سبحانه : لا يعزب عنه إلخ وأجاب بعضهم على تقدير الإتصال بأنه على حد لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف فيرأي فالمعنى لا يبعد عن علمه شيء إلا ما في اللوح الذي هو محل صور معلوماته تعالى شأنه بناء على تفسير الكتاب المبين به أو إلا ما في علمه بناء على ما قيل : إن الكتاب العلم فإن عد ذلك من العزوب فهو عازب عن علمه وظاهر أنه ليس من العزوب قطعا فلا يعزب عن علمه شيء قطعا ونقلعن بعض المحققين في دفع الإشكال أن العزوب عبارة عن مطلق البعد والمخلوقات قسمان قسم أوجده الله تعالى من غير واسطة كالأرض والسماء والملائكة عليهم السلام وقسم أوجده بواسطة القسم الأول مثل الحوادث في العالم وقد تتباعد سلسلة العلية والمعلولية عن مرتبة وجود واجبالوجود سبحانه فالمعنى لا يبعد عن مرتبة وحوده تعالى ذرة في الأرض ولا في السماء إلا وهو في كتاب مبين أثبت فيه سبحانه تلك المعلومات فهو إستثناء مفرغ من أعم الأحوال وإثبات العزوب بمعنى البعد عنه تعالى في سلسلة الإيجاد لا محذور فيه وهو وجه دقيق إلا أنه أشبه بتدقيقات الحكماء وإن خالف ما هم عليه في الجملة .
وقال الكواشي : معنى يعزب يبين وينفصل أي لا يصدر عن ربك شيء منخلقه إلا وهو في اللوح وتلخيصه