عن الشرك في الوجود بفنائهم وتحيتهم أي تحية بعضهم لبعض أو تحية لله تعالى فيها سلام أي أفاضة أنوار التزكية وإمداد التصفية أوإشراق أنوار التجليات وإمداد التجريد وإزالة الآفات وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين أي آخر ما يقتضيه إستعدادهم قيامهم بالله تعالى في ظهور كمالاته وصفات جلاله وجماله عليهم وهو الحمد الحقيقي منه وله سبحانه وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما أي إستغرق أوقاته في الدعاء فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه هذا وصف الذين لم يدركوا حقائق العبودية في مشاهد الربوبية فانهم إذا أظلم عليهم ليل البلاء قاموا إلى إيقاد مصباح التضرع فإذا انجلت عنهم الغياهب بسطوع أنوار فجر الفرج نسوا ما كانوا فيه ومروا كأن لم يدعوا مولاهم إلى كشف ما عناهم .
كأن الفتى لم يعر يوما إذار إكتسى ولم يك صعلوكا إذا ما تمولا ولو كانوا عارفين لم يبرحوا دارة التضرع وإظهار العبودية بين يديه تعالى في كل حين وماكان الناس الا أمة واحدة على الفطرة التي فطرالله الناس عليها متوجهين إلى التوحيد متنورين بنور الهداية الأصلية فاختلفوا بمقتضيات النشأة وإختلاف الأمزجة والأهوية والعادات والمخالطات ولولا كلمة سبقت من ربك وهو قضاؤه سبحانه الأزلي بتقدير الآجال والأرزاق لقضي بينهم فيما فيه يختلفون بإهلاك المبطل وإبقاء المحق والمراد أن حكمة الله تعالى إقتضت أن يبلغ كل منهم وجهته التي ولي وجهه إليها بأعماله التي يزاولها هو وإظهار ما خفى في نفسه وسبحان الله الحكيم العليم ويقولون حكاية لجناية أخرى لهم وفي الكشاف تفسير المضارع بالماضي أي وقالوا وجعل ذلك إشارة إلى أن العطف ليس على ويقولون هؤلاء شفعاؤنا كما يقتضيه ظاهر اللفظ وإنما هوعلى قوله سبحانه : قال الذين لايرجون لقاءنا إئت بقرآن غير هذا ومابيهما إعتراض و أوثر المضارع على الماضي ليؤذن بإستمرار هذهالمقالة وأنها من دأبهم وعادتهم مع مافي ذلك من إستحضار صورتها الشنيعة .
وجوز العطف على يعبدون وهو الذي إقتصر عليه بعض المحققين وأبقى بعضهم الفعل على ظاهره وله وجه والقائل كفار مكة لولا أنزل عليه ءاية من ربه أرادوا آية من الآيات التي إقترحوها كآية موسى وعيسى عليهما السلام ومعنى إنزالها عليه إظهار الله تعالى لها على يده صلى الله تعالى عليه وسلم وطلبوا ذلك تعنتا وعنادا وإلافقد أتى صلى الله عليه وسلّم بآيات ظاهرة ومعجزات باهرة تعلو على جميع الآيات وتفوق سائر المعجزات لا سيما القرآن العظيم الباقي إعجازه على وجه الدهر إلى يوم القيامة ولعمري لو أنصفوا لإستغنوا عن كل آية غيره E فانه الآية الكبرى ومن رآه وسبر أحواله لم يكد يشك في أنه رسول الله A فقل لهم في الجواب إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين 20 وهو جواب على ما قرره الطيبي على الأسلوب الحكيم فانهم حين ما طلبوا مع وجود الآيات المتكاثر دل على أن سؤالهم للتعنت كما علمت آنفا فأجيبوا بما أجيبوا ليؤذن بأن سؤالهم سؤال المقترحين يستحقون به نقمة الله تعالى وحلول عقابه و يعني أنه لابد أن يستأصل شأفتكم لكن لا أعلم متى يكون وأنتم كذلك لأن ذلك من الغيب وهو مختص به تعالى لا يعلمه أحد غيره جل شأنه وإذا كان كذلك فإنتظروا ما يوجبه إقتراحكم إني معكم من المنتظرين إياه وقيل : إن المراد أنه تعالى هو المختص بعلم الغيب والصارف عن إنزال الآيات المقترحة أمر مغيب فلا يعلمه إلا هو وإعترض عليه بأنه معين وهو عنادهم قال تعالى : ومايشعركم إنها إذا جاءت لايؤمنون