يسمونه بما قالوا تماديا في العناد كما هو شنشنة المكابر اللجوح ونشنشة المفحم المحجوج إن ربكم إستئناف سيق لإظهار بطلان تعجبهمالمذكور وماتبعه من تلك المقالة الباطلة غب الإشارة إليه بالإنكار والتعجيب وحقق فيه حقية ماتعجبوا منه وصحة ماأنكروه بالتنبيه الإجمالي على بعض مايدل عليهأ من شئون الخلق والتقدير وأحوال التكوينوالتدبير ويرشدهم إلى معرفتها بأدنى تذكير لإعترافهم به من غير نكير كما يعرب عنه غير ماآية في الكتاب الكريم والتأكيد لمزيد الإعتناء بمضمون الجملة على ماهو الظاهر أي أن ربكم ومالك أمركم الذي تعجبون من أن يرسل إليكم رجلا منكم بالإنذار والتبشير وتعدون ماأوحي إليه من الكتاب سحرا هو الله خلق السموات والأرض في ستة أيام أي أوقات فالمراد من اليوم معناه اللغوي وهو مطلق الوقت وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن تلك الأيام من أيام الآخرة التي يوم منهاكألف سنة مما تعدون وقيل : هي مقدار ستة أيام من أيام الدنيا وهو الأنسب بالمقام لما فيه من الدلالة على المقدرة الباهرة بخلق هذه الأجرام العظيمة في مثل تلك المدة اليسيرة ولأنه تعريف لنا بما نعرفه ولا يمكن أن يراد باليوم اليوم المعروف لأنه كما قيل عبارة عن كونالشمس فوق الأرض وهو مما لا يتصور تحققه حين لا أرض ولا سماء واليوم بهذا ا 4 لمعنى يسمى النهار المفرد ويطلق اليوم أيضا على مجموع ذلك النهار وليلته ومقدار ذلك حينئذ ممكن الإرادة هنا أيضا وقد صرح بعض الأكابر بأن المراد بالسموات ما عدا المحدد وأن اليوم هنا عبارة عنمدة دورة تامة له ولا يخفى أن اليوم اللغوي يتناول هذا أيضا إلا أن إرادته كإرادة مقدار مجموع النهار وليلته يحتاج إلى نقل وليس ذلك أمرا معروفا عند المخاطبين ليستغني عن النقل على أن القول به يدورعلى كون المحدد متحركا بالحركة الوضعية ويحتاج ذلك إلى النقل أيضا وكذا يدور على كون المحدد خارجا عن السموات المخلوقة في الأيام الست لكن ذلك لا يضر إذ الآيات والأخبار شاهدة بالخروج كما لا يخفى وفي خلقها مدرجا مع القدرة التامة على إبداعها في طرفة عين إعتبارللنظار وحث لهم على التأني في الأحوال والأطوار وفيه أيضا على ما صرحبه بعض المحققين دليل على الإختيار وأما تخصيص ذلك بالعدد المعين فقد قيل : إنه أمر قد إستأثر بعلم ما يستدعيه علام الغيوب جلت قدرته ودقت حكمته وقيل إنه سبحانه جعل لكل من خلق مواد السموات وصورها وربط بعضها ببعض وخلق مادة الأرض وصورتها وربط إحداهما بالأخرى وقتا فلذا صارت الأوقات ستا وفيه تأمل وسيأتي إن شاء الله تعالى في الدخان تحقيق هذا المطلب على وجه ينكشف به الغبار عن بصائر الناظرين .
وإيثار جمع السموات لما هو المشهور من الإيذان بأنها أجرام مختلفةالطباع متباينة الآثار والأحكام وتقديمها على الأرض إما لأنها أعظممنها خلقا أو لأنها جارية مجرى الفاعل والأرض جارية مجرى القابل علىما بين في موضعه وتقديم الأرض عليها في آية طه لكونها أقرب إلى الحس وأظهر عنده وسيأتي أيضا تحقيقه هناك إن شاء الله تعالى ثم استوى على العرش على المعنى الذي أراده سبحانه وكف الكيف مشلولة وقيل : الإستواء على العرش مجاز عن الملك والسلطان متفرع عن الكناية فيمن يجوز عليه القعود على السرير يقال : إستوى فلان على سرسر ويراد منه ملك وإن لم يقعد على السرير أصلا وقيل : إن الإستواء بمعنى الإستيلاءوأرجعوه إلى صفة القدرة وأنت تعلم أن هذا وأمثاله من التشابه وللناس فيه مذاهب