يشير إلى أنه جهنمي وفيه خفاء كما لا يخفى ويجوز إلى يراد بالقدم المقام بإطلاق الحال واردة المحل وعن الأزهري أن القدم الشيء الذي تقدمه قدامك ليكون عدة لك حين تقدم عليه ويشعر بأنه إسم مفعول وبه صرح بعضهم وقال أنه كالنقض وقيل : إنه إسم للحسنى من العبد كما أن اليد إسم للحسنى من السيد وفعلوا ذلك للفرق بين العبد والسيد وهو من الغرابة بمكان ولا يكاد يصح في قول ذي الرمة : لكم قدم لا ينكر الناس أنها مع الحسب العادي طمت على البحر وقوله وأنت أمرؤ من أهل بيت ذؤابة لهم قدم معروفة في المفاخر والسبق هو الأسبق إلى الذهن في ذلك وكذا في قول حسان : لنا القدم العليا إليك وخلفنا لأولنا في طاعة الله تابع وقول الآخر صل لذي العرش واتخذ قدما تنجيك يوم العثار والزلل محتمل لسائر المعاني وهل يطلق على سابقة السوء أولا الظاهر الأول وقدنص على ذلك أبو عبيدة والكسائي .
وقال صاحب الإنتصاف لم يسموا سابقة السوء قدما إما لكون المجاز لايطرد وإما لأنه غلب في العرف على سابقة الخير وفيه نظر وتفسير ابن عباس رضي الله تعالى عنهما له بالأجر وابن مسعود بالعمل لا يخرج عما ذكرنا من معانيه وكذا تفسير علي كرم الله تعالى وجهه وأبي سعيد الخدري والحسن وزيد بن أسلم له برأس الموجودات محمد صلى الله تعالى عليه وسلم يرجع إلى تفسيره بالخير والسعادة كما قاله جمع وكونه صلى الله تعالى عليه وسلم خيرا وسعادة للمؤمنين مما لا يمتري فيه مؤمن أو يقال : إن المراد شفاعته صلى الله تعالى عليه وسلم والأمر في ذلك حينئذ في غاية الظهور وخص التبشير بالمؤمنين لأنه لايتعلق بالكفار وتبشيرهم إن آمنوا راجع إلى تبشير المؤمنين وهذا بخلاف الإنذار فإنه يتعلق بالمؤمن والكافر ولذلك ذكره سبحانه ولم يذكر جلوعلا المنذر به للتعميم والتهويل وذكر المبشر به على الوجه الذي ذكره لتقوى رغبة المؤمنين فيما يؤديهم إليه وقدم الإنذار على التبشير لأن التخلية مقدمة على التخلية وإزالة ما لا ينبغي مقدمة فيالرتبة على فعل ما ينبغي .
قال الكافرون هم المتعجبون وإيرادهم بهذا العنوان على بابه وترك العاطف لجريانه مجرى البيان للجملة التي دخل عليها همزة الإنكارأو لكونه إستئنافا مبنيا على السؤال كأنه قيل : ماذا صنعوا بعد التعجب هل بقوا على التردد والإستبعاد أو قطعوا فيه بشيء فقيل : قال الكافرون على طريقة التأكيد إن هذا أي ماأوحى إليه صلى الله تعالى عليه وسلم منالكتاب المنطوي على الإنذار والتبشير وزعم الخازن أن في الكلام حذفا أي أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر وبشر فلما جاءهم بالوحي وأنذرهم قال الكافرون إن هذا لسحر مبين 2 أي ظاهر وقرأ ابن كثير والكوفيون لساحر على أن الإشارة إلى رجل وعنوا به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفي قراءة أبي ما هذا إلا سحر مبين وأرادوا بالسحر الحاصل بالمصدر وفي هذا إعتراف بأن ما عاينوه خارج عن طوق البشر نازل من حضرةخلاق القوى والقدر ولكنهم