الجنس من غير تعرض لكفرهم الذي هو المدار لتعجبهم كما تعرض له فيما بعد لتحقيق مافيه من الشركة بين رسول الله صلى الله عليه وسلّم وبينهم وتعيين مدار التعجيب في زعمهم ثم تبيين خطئهم وإظهار بطلان زعمهم بإيراد الإنكار واللام متعلقة بمحذوف وقع حالا من عجبا كما هو القاعدة في نعت النكرة إذا تقدم عليها وقيل : متعلقة بعجبا بناء على التوسع المشهور في الظروف وبعضهم جعلها متعلقة به لا على طريق المفعولية كما في قوله .
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها .
بل على طريق التبيين كما في هيت لك وسقيا لك ومثل ذلك يجوز تقديمه على المصدر وأنت تعلم أن هذا قول بالتعلق بمقدر في التحقيق وقيل : إنها متعلقة به لأنه بمعنى المعجب والمصدر إذا كان بمعنى مفعول أو فاعل يجوز تقديم معموله عليه وجوز أيضا تعلقه بكان وإن كانت ناقصة بناء على جوازه و عجبا خبر كان قدم على إسمها وهو قوله سبحانه : أن أوحينا لكونه مصب الإنكار والتعجيب وتشويقا إلى المؤخر ولأن في الإسم ضرب تفصيل ففي تقديمه رعاية للأصل نوع إخلال بتجاوب أطراف النظم الكريم وقرأ ابن مسعود عجب بالرفع على أنه إسم كان وهو نكرة والخبر أن أوحينا وهو معرفة لأن أن مع الفعل في تأويل المصدر المضاف إلى المعرفة فهو كقول حسان : كأن سبيئة من بين رأس يكون مزاجها عسل وماء وحمله بعضهم على القلب وفي قبوله مطلقا أو إذا تضمن لطيفة خلاف والمعول عليه إشتراط التضمن وهو غير ظاهر هنا وحكى عن ابن جني أنه قال : إنما جاز ذلك في البيت من حيث كان عسل وماء جنسين فكأنه قال : يكون مزاجها العسل والماء ونكرة الجنس تفيد مفاد معرفته ألا ترى أنك تقول : خرجت فإذا أسد بالباب أي فإذا الأسد بالباب لافرق بينهما لأنك في الموضعين لا تريد أسدا معينا ولهذا لم يجز هذا في قولك : كان قائم أخاك وكان جالس أباك لأنه ليس في جالس وقائم معنى الجنسية التي تتلاقى معنى نكرتها ومعرفتها .
ومعى الآية على هذا كان الوحي للناس هذا الجنس من الفعل وهو التعجب ولايخفى أن المصدر المتحصل هو المصدر المضاف إلى المعرفة كما سمعت فإعتباره محلى بأل الجنسية خلاف الظاهر وأجاز بعضهم الأخبار عن المعرفة بالنكرة في باب النواسخ خاصة سواء كان هناك نفي أو مافي حكمه أم لا وابن جني يجوز ذلك إذا كان نفي أو مافي حكمه ولا يجوز إذا لم يكن وفي الآية قد تقدم الإستفهام الإنكاري على الناسخ وهو في حكم النفي وإختار غير واحد كون كان تامة و عجب فاعل لها و أن أوحينا بتقدير حرف جر متعلق بعجب أي لأن أوحينا أو من أوحينا أن أوحينا أو هو بدل منه كا من كل أو بدل إشتمال والإنكار متوجه موضعه وإقتصر في اللوامح على أن للناس خبر كان وتعقب بأنه ركيك معنى لأنه يفيد إنكار صدوره من الناس مطلقا وفيه ركاكة ظاهرة فإفهم وإنما قيل : للناس لا عند الناس للدلالة على أنهم إتخذوه أعجوبة لهم وفيه من زيادة تقبيح حالهم مالايخفى إلى رجل منهم أي إلى بشر من جنسهم كقوله تعالى حكاية : أبعث الله بشرا رسولا وقوله سبحانه : لوشاء ربنا لأنرل ملائكة أو إلى رجل من أفناء رجالهم من حيث المال لا من حيث النسب لأنه A كان من مشاهيرهم فيه وكان منه بمكان لا يدفع فهو كقولهم : مبحث في تفسير قول تعالى : أكان للناس عجبا أن أوحينا الى رجل منهم