إشارة إلى الجهاد الأكبر ولعله تعليم لكيفية النفر المطلوب وبيان لطريق تحصيل الفقه أي قاتلوا كفار قوى نفوسكم بمخالفة هواها وفيالخبر أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك وليجدوا فيكم غلظة أي قهر وشدة حتى تبلغوا درجة التقوى واعلموا أن الله مع المتقين بالولاية والنصر أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أومرتين أي يصيبهم بالبلاء ليتوبوا ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون وفي الأثر البلاءسوط من سياط الله تعالى يسوق به عباده إليه ويرشد إلى ذلك قوله تعالى : وإذا غشيهم موج كالظلل دعو الله مخلصين له الدين وقوله تعالى : واذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما وبالجملة إن البلاء يكسر سورة النفس فيلين القلب فيتوجه إلى مولاه إلاأن من غلبت عليه الشقاوة ذهب منه ذلك الحال إذا صرف عنه البلاء كما يشير إليه قوله تعالى : فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون وقوله سبحانه : فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه لقد جاءكم رسول من أنفسكم أي من جنسكم لتقع الألفة بينكم وبينه فإنالجنس إلى الجنس يميل وحينئذ يسهل عليكم الإقتباس من أنواره صلى الله عليه وسلّم وقرىء كما قدمنا من أنفسكم أي أشرفكم في كل شيء ويكفيه شرفا أنه E أول التعينات وأنه كما وصفه الله تعالى على خلق عظيم .
وعلى تفنن واصفيه بوصفه يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف عزيز عليه ماعنتم أي يشق E مشقتكم فيتألم A لما يؤلمكم كايتألم الشخص إذا عرا بعض أعضائه مكروه وعن سهل أنه قال : المعنى شديد عليه غفلتكم عن الله تعالى ولو طرفة عين فإن العنت مايشق ولا شيء أشق في الحقيقة من الغفلة عن المحبوب حريص عليكم أي على صلاح شأنكم أو على حضوركم وعدم غفلتكم عن مولاكم جل شأنه بالمؤمنين رءوف يدفع عنهم مايؤذيهم رحيم يجلب لهم ماينفعهم ومن آثار الرأفة تحذيرهم من الدنوب والمعاصي ومن آثار إضافته A عليم العلوم والمعارف والكمالات قال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه : علم الله تعالى عجز خلقه عن طاعته فعرفهم ذلك لكي يعلموا أنهم لا ينالون الصفو من خدمته فأقام سبحانه بينه وبينهم مخلوقا من جنسهم في الصورة فقال : لقد جاءكم رسول من أنفسكم وألبسه من تعته الرأفة والرحمة وأخرجه إلى الخلق سفيرا صادقا وجعل طاعته وموافقته موافقته فقال سبحانه : من يطع الرسول فقد أطاع الله ثم أفرده لنفسه خاصة وآواه إليه بشهوده عليه في جميع أنفاسه وسلى قلبه عن إعراضهم عن متابعته بقوله جل شأنه : فإن تولوا وأعرضوا عن قبول ماأنت عليه لعدم الإستعداد وزواله فقل حسبي الله لا حاجة لي بكم كما لا حاجة للإنسان إلى العضو المتعفن الذي يجب قطعه عقلا فالله تعالى كافي لاإله إلا هو فلا مؤثر غيره ولا ناصر سواه عليه توكلت لا على غيره من جميع المخلوقات اذ لا أرى لأحد منهم فعلا ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو رب العرش العظيم المحيط بكل شيء وقد ألبسه سبحانه أنوار عظمته وقواه على حمل تجلياته ولولا ذلك لذاب بأقل من لمحة عين وإذا قرىء العظيم بالرفع فهو صفة للرب سبحانه وعظمته جل جلاله مما لا نهاية لها وما قدروا الله حق قدره نسأله بجلاله وعظمته أن يوفقنا لإ تمام تفسير كتابه حسبما يجب ويرضي فلا إله غيره ولا يرجى إلا خيره