قتال جميع الكفار وغزو جميع البلاد في زمان واحد فكان من قرب أولى ممن بعد ولأن ترك الأقرب والإشتغال بقتال ألابعد لا يؤمن معه من الهجومعلى الذراري والضعفاء وأيضا الأبعد لاحد له بخلاف الأقرب فلا يؤمر به وقد لايمكن قتال الأبعد قبل قتال الأقرب وقال بعضهم : المراد قاتلوا الأقرب فالأقرب حتى تصلوا إلى الأبعد فالأبعد وبذلك يحصل الغرض من قتال المشركين كافة فهذا إرشاد إلى طريق تحصيله على الوجه الأصلح .
ومن هنا قاتل صلى الله عليه وسلّم أولا قومه ثم إنتقل إلى قتال سائر العرب ثم إلى قتال قريظة والنضير وخيبر وأضرابهم ثم إلى قتال الروم فبدأ E بقتال الأقرب فالأقرب وجرى أصحابه على سننه A إلى أن وصلت سراياهم وجيوشهم إلى ماشاء الله تعالى وعلى هذا نسخ وروي عن الحسن أن الآية منسوخة مما تقدم والمحققون على أنه لا وجه له وزعم الخازن تبعا لغيره أن المراد من الولي ما يعم القرب المكانيوالنسبي وهو خلاف الظاهر وقيل : إنه خاص بالنسبي لأنها نزلت لماتحرج الناس من قتل أقربائهم ولا يخفى ضعفه .
وليجدوا فيكم غلظة أي شدة كما قال ابن عباس وهي مثلثة الغين وقرىء بذلك لكن السبعة على الكسر والمراد من الشدة مايشمل الجراءةوالصبر على القتال والعنف في القتل والأسر ونحو ذلك ومن هنا قالوا : إنها كلمة جامعة والأمر على حد لا أرينك ههنا فليس المقصود أمر الكفار بأن يجدوا في المؤمنين ذلك بل أمر المؤمنين بالإتصاف بما ذكرحتى يجدهم الكفار متصفين به واعلموا أن الله مع المتقين 123 بالعصمة والنصرة والمراد بهم إما المخاطبون والإظهار للتنصيص علىأن الإيمان والقتال على الوجه المذكور من باب التقوى والشهادة بكونهم من زمرة المتقين وأما الجنس وهم داخلون فيه دخولا أوليا وأيا ما كان فالكلام تعليل تأكيد قبله وإذا ما أنزلت سورة من سور القرآن فمنهم أي من المنافقين كما روي عن قتادة وغيره من يقول علىسبيل الإنكار والإستهزاء لإخوانه ليثبتهم على النفاق أو لضعفة المؤمنين ليصدهم عن الإيمان أيكم زادته هذه السورة إيمانا وقرأ عبيد بن عمير أيكم بالنصب على تقدير فعل يفسره المذكور ويقدر مؤخرا لأن الإستفهام له الصدر أي أيكم زادت زادته إلخ .
وإعتبار الزيادة على أول الإحتمالين في المخاطبين بإعتبار إعتقاد المؤمنين فأما الذين آمنوا جواب من جهته تعالى شأنه وتحقيق للحق وتعيين لحالهم عاجلا وآجلا وقال بعض المدققين : إن الآية دلت على أنهم مستهزئون وأن إستهزاءهم منكر فجاء قوله تعالى : فأما الذينآمنوا وأما الذين في قلوبهم مرض إلخ تفصيلا لهذين القسمين وجعلذلك الطيبي تفصيلا لمحذوف وبينه بما لا يميل القلب إليه وأيا ما كان فجواب إذا جملة فمنهم إلخ وليس هذا وما بعده عطفا عليه أي فأما الذين آمنوا بالله سبحانه وبما جاء من عنده فزادتهم إيمانا أي تصديقا لأن ذلك هو المتبادر من الإيمان كما قرر في محله وقبول التصديق نفسه الزيادة والنقص والشدة والضعف مما قال به جمع من المحققين وبه أقول لظواهر الآيات والأخبار ولو كشف لي الغطاء ما إزددت يقينا ومن لم يقبل قبوله للزيادة ولم يدخل الأعمال في الإيمان قال : إن زيادته بزيادة متعلقه والمؤمن به وإليه يشير كلام ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قيل : ويلزمه أن لا يزيد اليوم لإكمال الدين وعد متجدد متعلق وفيه نظر وإن قاله من تعقد عليه الخناصر وتعتقد بكلامه الضمائر ومن لم يقبل وأدخل الأعمال فالزيادة وكذا مقابلها ظاهرة عنده وهم يستبشرون 124