أنه جائز مطلقا كما وقع لبعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم وسيأتي إنشاء الله تعالى تحقيق ذلك بإذن الله تعالى الهادي .
وماكان الله ليضل قوما أي ما يستقيم من لطف الله تعالى وأفضاله أنيصف قوما بالضلال عن طريق الحق ويذمهم ويجري عليهم أحكامه بعد إذ هداهم للإسلام حتى يبين لهم بالوحي صريحا أو دلالة ما يتقون أي مايجب إتقاؤه من محذورات الدين فلا ينزجروا عما نهوا عنه وكأنهتسلية للذين إستغفروا للمشركين قبل البيان حيث أفاد أنه ليس من لطفه تعالى أن يذم المؤمنين ويؤاخذهم في الإستغفار قبل أن يبين أنه غير جائز لمن تحقق شركه لكنه سبحانه يذم ويؤاخذ من إستغفر لهم بعد ذلك والآية على ماروي عن الحسن نزلت حين مات بعض المسلمين قبل أن تنزل الفرائض فقال إخوانهم : يا رسول الله إخواننا الذين ماتوا قبل نزول الفرائض ما منزلتهم وكيف حالهم وعن مقاتل والكلبي أن قوما قدمواعلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قبل تحريم الخمر وصرف القبلة إلى الكعبة ثم رجعوا إلىقومهم فحرمت الخمر وصرفت القبلة ولم يعملوا ذلك حتى قدموا بعد زمان إلى المدينة فعلموا ذلك فقالوا : يا رسول الله قد كنت على دين ونحن على غيره فنحن في ضلال فأنزل الله تعالى الآية وحمل الإضلال فيها علىما ذكرنا هو الظاهر وليس من الإعتزال في شيء كما توهم وكأنه لذلك عدلعنه الواحدي حيث زعم أن المعنى ما كان الله لوقع في قلوبهم الضلالة : وإستدل بها على أن الغافل وهو من لم يسمع النص والدليل السمعي غير مكلف وخص ذلك المعتزلة بما لم يعلم بالعقل كالصدق في الخبر ورد الوديعة فإنه غير موقوف على التوقيف عندهم وهو تفريع على قاعدة الحسن والقبح العقليين ولأهل السنة فيها مقال إن الله بكل شيء عليم 115 تعليل لما سبق أي إن الله تعالى عليم بجميع الأشياء التي من جملتها حاجتهم إلى البيان فيبين لهم وقيل : إنه إستئناف لتأكيد الوعيد المفهوم مما قبله وكذا قوله سبحانه : إن الله له ملك السموات والأرض من غير شريك له فيه يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير 116 وقال غيرواحد : إنه سبحانه لما منعهم عن الإستغفار للمشركين وإن كانوا أولي قربى وتضمن ذلك وجوب التبري عنهم رأسا بين لهم أن الله سبحانه مالككل موجود ومتولي أمره والغالب عليه ولا يتأتى لهم ولاية ولا نصر إلا منهتعالى ليتوجهوا إليه جل شأنه بشراشرهم متبرئين عما سواه غير قاصدين إلا إياه لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار قال أصحاب المعاني المراد ذكر التوبة على المهاجرين والأنصار إلا أنه جيء في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلّم تشريفا لهم وتعظيما لقدرهم وهذا كما قالوا في ذكره تعالى فيقوله سبحانه : فأن لله خمسه وللرسول إلخ أي عفا سبحانه عن زلات سبقت منهم يوم أحد ويوم حنين وقيل : المراد ذكر التوبة E وعليهم والذنب بالنسبة إليه صلى الله تعالى عليه وسلم من باب خلاف الأولى نظرا إلى مقامه الجليل وفسر هنا على ماروي عن ابن عباس بالإذن للمنافقين في التخلف وبالنسبة إليهم رضي الله تعالى عنهم لا مانع من أن يكون حقيقيا إذ لا عصمة عندنا لغير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويفسر بما فسر أولا .
وجوز أيضا أن يكون من باب خلاف الأولى بناء على ما قيل : إن ذنبهم كانالميل إلى القعود عن غزوة تبوك حيث وقعت في وقت شديد وقد تفسرالتوبة بالبراءة عن الذنب والصون عنه مجازا حيث إنه لا مؤاخذة