لا يلتفت إليه بعد قراءة غير واحد من السلف به وإن كانت شاذة وحاصل معنى الآية ماكان لكم الإستغفار بعد التبين وإستغفار إبراهيم E إنما كان عن موعدة قبل التبين وما له أن إستغفار إبراهيم عليه السلام كان قبل التبين وينبىء عن ذلك قوله تعالى : فلما تبين له أي لإبراهيم عليه السلام أنه أي أن أباه عدو لله أي مستمر على عداوته تعالى وعدم الإيمان به وذلك بأن أوحى إليه عليه السلام أنه مصر على الكفر وأخرج ابن جرير وابن المنذر وجماعة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن ذلك التبين كان بموته كافرا وإليه ذهب قتادة قيل : والأنسب بوصف العداوة هو الأول والأمر فيه هين .
تبرأ منه أي قطع الوصلة بينه وبينه والمراد تنزه عن الإستغفار له وتجانب كل التجانب وفيه من المبالغة ماليس في تركه ونظائره إن إبراهيم لأواه أي لكثير التأوه وهو عند جماعة كناية عن كمال الرأفة ورقة القلب وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما عن عبدالله بن شداد قال : قال رجل : يارسول الله ما الأواه قال : الخاشع المتضرع الدعاء .
وأخرج أبو الشيخعن زيد بن أسلم أنه الدعاء المستكن إلى الله تعالى كهيئة المريض المتأوه من مرضه وهو قريب مما قبله : وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومجاهد وقتادة وعطاء والضحاك وعكرمة إنه الموقن بلغة الحبشة وعن عمرو بن شرحبيل أنه الرحيم بتلك اللغة وأطلق ابن مسعود تفسيره بذلك وعن الشعبي أنه المسبح وأخرج البخاري في تاريخه أنه الذي قبله معلق عند الله تعالى وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وغيره عن كعب أن إبراهيم وصف بالأواه لأنه كان إذا ذكر النار قال أوه من النار أوه .
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الجوزاء مثله وإذا صح تفسير رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم له لا ينبغي العدول عنه نعم ماذهب إليه الجماعة غير مناف له ومناسبته لما نحن فيه ظاهرة كما لايخفى وقد صرح غير واحد أنه فعال للمبالغة من التأوه وقياس فعله أن يكون ثلاثيا لأن أمثلة المبلغة إنما يطرد منه وحكى قطرب له فعلا ثلاثيا فقال : يقال آه يؤوه كقام يقوم أوها وأنكره عليه غيره وقال : لا يقال إلا أوه وتأوه قال المثقب العبدي : ذا ماقمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين و أصل التأوه قوله آه ونحوه مما بقوله الحزين وفي الدرة للحريري أن الأفصح أن يقال في التأوه أوه بكسر الهاء وضمها وفتحها والكسر أغلب وعليه قول الشاعر : فأوه لذكراها إذا ماذكرتها ومن بعد أرض بيننا وسماء وقد شدد بعضهم الواو وأسكن الهاء فقال أوه وقلب بعضهم الواو ألفا فقال آه ومنهم من حذف الهاء وكسر الواو فقال أو ثم ذكر أن تصريف الفعل من ذلك أوه وتأوه وأن المصدر الآهة والأهة وإن من ذلك قول المثقي السابق حليم 114 أي صبور على الأذى صفوح عن الجناية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كان من حلمه عليه السلام أنه إذا آذاه الرجل من قومه قال له : هداك الله تعالى ولعل تفسيره بالسيد على ما روي عن الحبر مجاز والجملة إستئناف لبيان ماحمله E على الموعدة بالإستغفار لأبيه مع شكاسته عليه وسوء خلقه معه كما يؤذن بذلك قوله E :