ولى هاربا إلى الشام وأرسل إلى المنافقين يحثهم على بناء مسجد كما ذكرنا آنفا عن الحبر فبنوه وبقوا منتظرين قدومه ليصلي فيه ويظهر علىرسول الله صلى الله عليه وسلّم فهدم كما مر ومات أبو عامر وحيدا بقنسرين وبقيما أضمروه حسرة في قلوبهم .
من قبل متعلق بحارب أي حارب الله ورسوله E قبلهذا الإتخاذ أو متعلق بإتخذوا أي إتخذوه من قبل أن ينافقوا بالتخلف حيث كانوا بنوه قبل غروة تبوك كما سمعت والمراد المبالغة في الذم وليحلفن إن أردنا أي ماأردنا ببناء هذا المسجد إلا الحسنى أي إلا الخصلة الحسنى وهي الصلاة وذكر الله تعالى والتوسعة على المصلين فالحسنى تأنيث الأحسن وهو في الأصل صفة الخصلة وقد وقع مفعولا به لأردنا وجوز أن يكون قائما مقام مصدر محذوف أي الإرادة الحسنى واللهيشهد إنهم لكاذبون 107 فيما حفلوا عليه لاتقم أي للصلاة فيه أي في ذلك المسجد أبدا وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تفسير لا تقم بلا تصل على أن القيام مجاز عن الصلاة كما في قولهم : فلان يقوم الليل وفي الحديث من قام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له لمسجد أسس أي بني أساسه على التقوى أي تقوى الله تعالى وطاعته و على ما يتبادر منها ولا يخفى ما في جعل التقوى وهي هي أساسا من المبالغة وقيل : إنها بمعنى مع وقيل : للتعليل لإعتباره فيما تقدم من الإتخاذ واللام إما للإبتداء أو للقسم أي والله لمسجد وعلى التقديرين فمسجد مبتدأ والجملة بعده صفته وقوله تعالى : من أول يوم متعلق بأسس و من لإبتداء الزمان على ماهو الظاهر وفي ذلك دليل للكوفيين في أنها تكون للإبتداء مطلقا ولا تتقيد بالمكان وخالف في ذلك البصريون ومنعوا دخولها على الزمان وخصوه بمذ ومنذ وتأولوا الآية بأنها على حذف مضاف أي من تأسيس أول يوم وتعقبه الزجاج وتبعه أبو البقاء بأن ذلك ضعيف لأن التأسيس المقدر ليس بمكان حتى تكون من لإبتداء الغاية فيه وأجيب بأن مرادهم من التأويل الفرار من كونها لإبتداء الغاية في الزمان وقد حصل بذلك التقدير وليس في كلامهم مايدل على أنها لاتكون لإبتداء الغاية إلا في المكان وقال الرضي : لا أرى في الآية ونظائرها معنى الإبتداء إذ المقصود منهأن يكون الفعل شيئا ممتدا كالسير والمشي ومجرور من منه الإبتداء نحو سرت من البصرة أو يكون أصلا لشيء ممتد نحو خرجت من الدار إذ الخروج ليس ممتدا وليس التأسيس ممتدا ولا أصلا لممتد بل هما حدثان واقعان فيما بعد من وهذا معنى في و من في الظروف كثيرا ماتقع بمعنى في إنتهى وفي كون التأسيس ليس أصلا لممتد منع ظاهر نعم ذهب إلى إحتمال الظرفية العلامة الثاني وله وجه وحينئذ يبطل الإستدلال ولا يكون في الآية شاهد للكوفيين والحق أن كثيرا من الآيات وكلام العرب يشهد لهم وإلتزام تأويل كل ذلك تكلف لا داعي إليه وقوله تعالى : أحق أن تقوم فيه خبر المبتدأ و أحق أفعل تفضيل والمفضل عليه كل مسجد أو مسجد الضرار على الفرض والتقدير أو هو على زعمهم وقيل : إنه بمعنى حقيق أي حقيق ذلك المسجد بأن تصلي فيه وإختلف في المراد منه فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والضحاك أنه مسجد قباء وقد جاءت أخبار في فضل الصلاة فيه فأخرج ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم وصححه وابن ماجه عن أسيد بن ظهير عن النبي A أنه قال :