طلب الضرر ومحاولته أخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس أن جماعة من الأنصار قال لهم أبو عامر : إبنوا مسجدا وإستمدوا ماإستطعتم من قوة وسلاح فإني ذاهب إلى قيصر فآتي بجند من الروم فأخرج محمدا E وأصحابه فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلّم فقالوا : قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه وتدعو بالبركة فنزلت وأخرج ابن إسحق وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال أتى أصحاب مسجد الضرار رسول الله A وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا : يارسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : إني علي جناح سفر وحال شغل أو كما قال E ولو قدمنا إن شاء الله تعالى لآتيناكم فصلينا لكم فيه فلما رجع إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من سفره ونزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار أتاه خبر المسجد فدعا مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدي وأخاه عاصم بن عدي أحد بلعجان فقال : إنطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فإهدماه وأحرقاه فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك فقال مالك لصاحبه : أنظرني حتى أخرج لك بنار من أهلي فدخل إلى أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه وفيه أهله فأحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ونزل فيهم من القرآن مانزل وك ان البانون إثنى عشر رجلا : خذام ابن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمر بن عوف ومن داره أخرج المسجد وعباد بن حنيف من بني عمرو بن عوف أيضا وثعلبة بن حاطب ووديعة بن ثابت وهما من بني أمية بن زيد رهط أبي لبابة بن عبدالمنذر ومعتب بن قشير وأبو حبيبة بن الأزعر وحارثة بن عامر وإبناه مجمع وزيد ونبيل بن الحرث ونجاد ابن عثمان وبجدح من بني ضبيعة وذكر البغوي من حديث ذكره الثعلبي كما قال العراقي بدون سند أن النبي A أمر بعد حرق المسجد وهدمه أن يتخذ كناسة يلقى فيها الجيف والنتن والقمامة إهانة لأهله لما أنهم اتخذوه ضرارا وكفرا أي وليكفروا فيه وقدر بعضم التقوية أي وتقوية الكفر الذي يضمرونه وقيل عليه : إن الكفر يصلح علة فما الحاجة إلى التقدير وإعتذر بأنه يحتمل أن يكون ذلك لما أن إتخاذه ليس بكفر بل مقوله لما إشتمل عليه فتأمل وتفريقا بين المؤمنين وهم كما قال السدي أهل قباء فإنهم كانوا يصلون في مسجدهم جميعا فأراد هؤلاء حسدا أن يتفرقوا وتختلف كلمتهم وإرصادا أي ترقبا وإنتظارا لمن حارب الله ورسوله وهو أبو عامر والد حنظلة غسيل الملائكة رضى الله تعالى عنه وكان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح وتنصر فلما قدم النبي A المدينة قال له أبو عامر : ماهذا الدين الذي جئت به فقال A : الحنيفية البيضاء دين إبراهيم عليه السلام قال : فأنا عليها فقال له E : إنك لست عليها فقال : بلى ولكنك أنت أدخلت فيها ماليس منها فقال النبي A : مافعلت ولكن جئت بها بيضاء نقية فقال أبو عامر : أمات الله تعالى الكاذب منا طريدا وحيدا فأمن النبي A فسماه الناس أبا عامر الكداب وسماه ألنبي A ألفاسق فلما كان يوم أحد قال للنبي A : لاأجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم فلم يزل كذلك إلى يوم حنين فلما انهزمت هوازن يومئذ