لبيان الفرق بين الفريقين في بيان شأن إتخاذ ما ينفقانه حالا ومالاوأن ذكر إتخاذه سببا للقربات والصلوات مغن عن التصريح بذلك لكمال العناية بإيمانهم وبيان إتصافهم به وزيادة الإعتناء بتحقق الفرق من أول الأمر وأما الفريق الأول فإتصافهم بالكفر والنفاق معلوم من سياقالنظم الكريم صريحا .
وجوز عطف وصلوات على ما ينفق وعليه إقتصر أبو البقاء أي يتخذ ما ينفق وصلوات الرسول E قربات ألا إنها قربة لهم شهادة لهم من جناب الله تعالى بصحة ما إعتقدوهوتصديق لرجائهم والضمير إما للنفقة المعلومة مما تقدم أو لما التي هي بمعناها فهو راجع لذلك بإعتبار المعنى فلذا أنث أو لمراعاة الخبر وجوز ابن الخازن رجوعه للصلوات والأكثرون على الأول وتنوين قربة للتفخيم المغني عن الجمع أي قربة لا يكتنه كنهها وفي إيراد الجملة إسمية بحرفي التنبيه والتحقيق من الجزالة مالا يخفى .
والإقتصار على بيان كونها قربة لهم لأنها الغاية القصوى وصلوات الرسول E من ذرائعها وقرىء قربة بضم الراء لإتباع سيدخلهم الله في رحمته وعد لهم بإحاطة رحمته سبحانه بهم كما يشعر بذلك في الدالة على الظرفية وهو في مقابلة الوعيد للفرقة السابقة المشار إليه بقوله تعالى : والله سميع عليم وفيه تفسير للقربة أيضا والسين للتحقيق والتأكيد لما تقدم أنها في الإثبات في مقابلة لن في النفي وقوله سبحانه : إن الله غفور رحيم 99 تقرير لما تقدم كالدليل عليه والآية كما أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وغيرهم عن مجاهد نزلت في بني مقرن من مزينة وقال الكلبي : فيأسلم وغفار وجهينة وقيل : نزلت التي قبلها في أسد وغطفان وبني تميم وهذه في عبدالله ذي البجادين بن نهم المزني رضي الله تعالى عنه .
والسابقون الأولون من المهاجرين بيان لفضائل أشراف المسلمين إثربيان طائفة منهم والمراد بهم كما روي عن سعيد وقتادة وابن سيرين وجماعة الذين صلوا إلى القبلتين وقال عطاء بن رباح : همأهل بدر وقال الشعبي : هم أهل بيعة الرضوان وكانت بالحديبية وقيل : هم الذين أسلموا قبل الهجرة والأنصار أهل بيعة العقبة الأولى وكانت في سنة إحدى عشرة من البعثة وكانوا على ما في بعض الرويات سبعة نفر وأهل بيعة العقبة الثانية وكانت في سنة إثنتي عشرة وكانوا سبعين رجلا وإمرأتين والذين أسلموا حين جاءهم من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلّم أبو زرارة مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف وكان قد أرسله E مع أهل العقبة الثانية يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين والذين اتبعوهم بإحسان أي متلبسين به والمراد كل خصلةحسنة وهم اللاحقون بالسابقين من الفريقين على أن من تبعيضة أو الذين اتبعوهم بالإيمان والطاعة إلى يوم القيامة فالمراد بالسابقين جميع المهاجرين والأنصار رضي الله تعالى عنهم ومعنى كونهم سابقين أنهم أولون بالنسبة إلى سائر الملسمون وكثير من الناس ذهب إلى هذا روي عن حميد بن زياد أنه قال : قلت يوما لمحمد بن كعب القرظي ألا تخبرني عن أصحاب رسول الله A فيما كان بينهم من الفتن فقال لي : إن الله تعالى قد غفر لجميعهم وأوجب لهم الجنة في كتابه محسنهم ومسيئهم فقلت له : في أي موضع أوجب لهم الجنة فقال : سبحان الله ألا تقرأ قوله تعالى : والسابقون الأولون الآية فتعلم أنه تعالى أوجب لجميع أصحاب النبي A الجنة والرضوان وشرط على التابعين شرطا قلت : وما ذلك الشرط قال : شرط عليهم أن يتبعوهم بإحسان وهو أن يقتدوا بهم في أعمالهم الحسنة ولا يقتدوا بهم في غير ذلك أو يقال : هو أنيتبعوهم