فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليصلي فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال يا رسول الله تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إنما خيرني الله فقال : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة وسأزيده على السبعين قال : إنه منافق قال فصلى عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأنزل الله سبحانه : ولا تصل على أحد منهم الآية وفي رواية أخرى له عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب أنه لما مات عبدالله بن أبي ابن سلول دعي له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليصلي عليه فلما قام وثبت إليه فقلت : يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا كذا وكذا أعدد عليه قوله فتبسم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال : أخر عني يا عمر : فلما أكثرت عليه قال : أخر عني لو أعلم أني لو زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها قال فصلى عليه E ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة ولا تصل على أحد منهم إلى قوله : وهم فاسقون فعجبت من جراءتي على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وظاهر هذين الخبرين أنه لم ينزل بين استغفر لهم أو لا تستغفر لهم وقوله تعالى : ولا تصل على أحد منهم شيء ينفع عمر رضي الله تعالى عنه وإلا لذكر والظاهر أن مراده بالنهي في الخبر الأول ما فهمه من الآية الأولى لا ما يفهم كما قيل من قوله تعالى : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين لعدم مطابقة الجواب حينئذ كما لا يخفى وأخرج أبو يعلى وغيره عن أنس أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أراد أن يصلي على ابن أبي فأخذ جبريل عليه السلام بثوبه فقال : ولا تصل الآية وأكثر الروايات أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى عليه وأن عمر رضي الله تعالى عنه أحب عدم الصلاة عليه وعد ذلك أحد موافقاته للوحي وإنما لم ينه صلى الله تعالى عليه وسلم عن التكفين بقميصه ونهى عن الصلاة عليه لأن الضنة بالقميص كانت مظنة الإخلال بالكرم على أنه كان مكافأة لقميصه الذي ألبسه العباس رضي الله تعالى عنه حين أسر ببدر فإنه جيء به رضي الله تعالى عنه ولا ثوب عليه وكان طويلا جسيما فلم يكن ثوب بقدر قامته غير ثوب ابن أبي فكساه إياه وأخرج أبو الشيخ عن قتادة أنهم ذكروا القميص بعد نزول الآية فقال E : وما يغني عنه قميصي والله إني لأرجو أن يسلم به أكثر من ألف من بني الخزرج وقد حقق الله تعالى رجاء نبيه كما في بعض الآثار والاخبار فيما كان منه E مع ابن أبي من الصلاة عليه وغيرها ولا تخلو عن التعارض وقد جمع بينهما حسبما أمكن علماء الحديث وفي لباب التأويل نبذة من ذلك فليراجع .
والمراد من الصلاة المنهي عنها صلاة الميت المعروفة وهي متضمنة للدعاء والإستغفار والإستشفاع له قيل : والمنع عنها لمنعه E من الدعاء للمنافقين المفهوم من الآية السابقة أو من قوله سبحانه : ما كان للنبي الخ وقيل : هي هنا بمعنى الدعاء وليس بذاك و أبدا ظرف متعلق بالنهي وقيل : متعلق بمات والموت الأبدي كناية عن الموت على الكفر لأن المسلم يبعث ويحيا حياة طيبة والكافر وإن بعث لكنه للتعذيب فكأنه لم يحيى وزعم بعضهم أنه لو تعلق بالنهي لزم أن لا تجوز الصلاة على من تاب منهم ومات على الإيمان مع أنه لا حاجة للنهي عن الصلاة عليهم إلى قيد التأييد ولا يخفى أنه أخطأ ولم يشعر بأن منهم حال من الضمير في مات أي مات حال كونه منهم أي متصفا بصفتهم وهي النفاق كقولهم : أنت مني يعني على طريقتي وصفتي كما صرحوا به على أنه لو جعل الجار والمجرور صفة لأحد لا يكاد يتوهم ما ذكر وكيف يتوهم مع قوله تعالى الآتي إنهم كفروا الخ وقوله : مع أنه لا حاجة إلى النهي الخ لظهور ما فيه لا حاجة إلى ذكره و مات ماض باعتبار